أفغانستان: ترقب دولي لتشكيلة حكومة طالبان والولايات المتحدة تبقي على "قنوات تواصل" مع الحركة

وسط ترقب دولي متواصل، لا تزال أفغانستان والعالم في انتظار إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة التي كان من المقرر أن يعلن عنها أمس الجمعة لكن ناطقا باسم طالبان كشف أنه لن يتم إعلان التشكيلة قبل السبت على أقرب تقدير. وفيما شاعت أخبار عن سقوط وادي بانشير في أيدي طالبان، صرح أحد سكان الوادي أن القتال مع حركة المقاومة بقيادة أحمد مسعود لا يزال متواصلا. وفي سياق متصل، يزور وزير الخارجية الأمريكي بلينكن قطر لإجراء محادثات بشأن أفغانستان.

واحد من قادة طالبان يلقي خطبة بشوارع خوست، أفغانستان، 31 أغسطس/ آب 2021.
واحد من قادة طالبان يلقي خطبة بشوارع خوست، أفغانستان، 31 أغسطس/ آب 2021. © رويترز/أرشيف
إعلان

بعد قرابة ثلاثة أسابيع على عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، لا تزال البلاد تنتظر إعلان تشكيلة حكومتها الجديدة.  وعادت طالبان إلى السلطة منتصف شهر آب/أغسطس الماضي بعدما أطاح بها تحالف بقيادة الولايات المتحدة قبل عشرين عاما، واعدة بتشكيل حكومة "جامعة".

وسُمع مساء الجمعة إطلاق رصاص في كابول احتفالا بالانتصار في وادي بانشير وفق ما شاع من أخبار، لكن طالبان لم تصدر أي إعلان رسمي في هذا الشأن. وصرح أحد سكان بانشير لوكالة الأنباء الفرنسية عبر الهاتف أن هذه المعلومات زائفة.

وكان مُنتظرا الجمعة إعلان تشكيلة حكومة طالبان الجديدة التي ستكون تحت مجهر الأفغان والمجتمع الدولي غير المقتنع حتى الآن بوعود الحركة الإسلامية بشأن انفتاحها. لكن ناطقا باسم طالبان كشف أنه لن يتم إعلان التشكيلة قبل السبت على أقرب تقدير.

لذا فإن تشكيل حكومة جديدة سيكون بمثابة اختبار للرغبة الحقيقيّة في التغيير التي أظهرتها الحركة الإسلامية، خصوصاً أن عهدها الأول (1996-2001) اتسم بسياسة وحشية تجاه النساء والمعارضين.

على الرغم من ذلك، قد تبقى الدعوات إلى ضمّ النساء للحكومة الجديدة غير مسموعة، في ضوء التصريحات الأخيرة للحركة.

في هذا الإطار، قال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة محمد عباس ستانيكزاي الأربعاء لإذاعة "بي بي سي" الناطقة بلغة البشتون، إن النساء سيتمكن من مواصلة العمل، لكن "قد لا يكون لهن مكان" في الحكومة المستقبلية أو في مناصب أخرى رفيعة.

ودفع هذا الاحتمال، ناشطات أفغانيات للنزول إلى الشوارع. وشاركت نحو 50 امرأة في تظاهرة ندر مثيلها، في هرات، وهي مدينة كبيرة في غرب أفغانستان قرب الحدود الإيرانية، للمطالبة بحق العمل والاحتجاج على تغييب المرأة عن مؤسسات الحكم.

وقالت بصيرة طاهري، إحدى منظمات الاحتجاج، لوكالة الأنباء الفرنسية، إنها تريد أن تضم حركة طالبان نساء إلى الحكومة. أضافت "نريد أن تُجري طالبان مشاورات معنا"، قائلة "لا نرى نساء في تجمعاتهم واجتماعاتهم".

"طريق الحرب"

ميدانيا، نشبت مواجهات جديدة في وادي بانشير بين قوات طالبان وجبهة المقاومة الوطنية بقيادة أحمد مسعود. وكان مسعود قال في تصريح سابق "عرضت طالبان تخصيص مقعدين لجبهة المقاومة الوطنية في الحكومة التي يريدون تشكيلها، فيما نطالب بمستقبل أفضل لأفغانستان". وأضاف "لم نفكر حتى" في عرضها، معتبرا أن طالبان "اختارت سلوك طريق الحرب".

في الأسابيع الأخيرة، أقامت حركة طالبان اتصالات مع شخصيات أفغانيّة معارضة على غرار الرئيس السابق حامد كرزاي، ونائب الرئيس السابق عبد الله عبد الله.

ومن بين السيناريوهات المحتملة المتداولة، يُتوقع أن يمارس زعيم طالبان الملا هبة الله آخند زاده السلطة العليا كزعيم ديني للبلاد، وفقا لقناة "تولو نيوز" التلفزيونية الأفغانية الخاصة.

وستُسنَد مسؤولية إدارة الحكومة إلى شخص آخر. ويتوقع أن يشغل المؤسس المشارك للحركة عبد الغني بردار، منصبا مهما في الحكومة، وفقا لـ"تولو نيوز".

بالنسبة إلى مارتن فان بيجلرت، من شبكة المحللين الأفغان، فإن الحركة "لم تكن مستعدة مطلقا للرحيل المفاجئ للرئيس أشرف غني في 15 آب/أغسطس ولسقوط كابول في أيدي مقاتليها بهذه السرعة".

ممرات إنسانية

لكن الوقت ينفد، نظرا إلى التحديات الكثيرة التي تواجه القادة الجدد. ويعد الاقتصاد التحدي الأكثر إلحاحا، إذ جمدت المساعدات الدولية المقدمة لأفغانستان، إحدى أفقر دول العالم والتي يعتمد اقتصادها عليها إلى حد كبير.

مع ذلك، وردَ كثير من الأنباء الإيجابية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو ما ساهم في التخفيف من قتامة الصورة إلى حد ما. فقد أعلنت شركة ويسترن يونيون للتحويلات المالية الخميس استئناف عملها في البلاد. ويعتمد العديد من الأفغان على الأموال التي يرسلها أقاربهم في الخارج.

وأعربت قطر التي تصدرت مشهد المفاوضات الدولية مع حكام أفغانستان الجدد، عن أملها الجمعة في فتح "ممرات إنسانية" في المطارات الأفغانية خلال 48 ساعة.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة أنه سيتوجه بداية الأسبوع المقبل إلى قطر. ولم يوضح ما إذا كان سيلتقي ممثلين للحركة، لكنه أكد أن الولايات المتحدة تُبقي "قنوات تواصل" مع طالبان على الرغم من أنها أنهت انسحابها من أفغانستان.

كذلك، يتوجه بلينكن إلى ألمانيا حيث سيرأس مع نظيره الألماني هايكو ماس اجتماعا وزاريا عبر الفيديو مخصصا لأفغانستان يشارك فيه ممثلو عشرين دولة.

بدوره، يتوجه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى الدوحة بداية الأسبوع المقبل في إطار جولة خليجية تشمل البحرين والكويت والسعودية، وفق البنتاغون.

من جانبه، يستضيف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس اجتماعا رفيع المستوى في 13 أيلول/سبتمبر، للبحث في زيادة المساعدات الإنسانية لأفغانستان، وفق ما أفاد المتحدث باسمه الجمعة.

وقال ستيفان دوجاريك في بيان إن "المؤتمر سيدعو إلى زيادة سريعة في التمويل من أجل استمرار العمليات الإنسانية المنقذة للأرواح، ويحض على وصول إنساني كامل وبلا عوائق لضمان حصول الأفغان على الخدمات الأساسية التي يحتاجون إليها". وشدد على ضرورة حماية مكاسب التنمية في البلاد، معتبرا أن حقوق النساء جزء "أساسي" من استقرار أفغانستان في المستقبل.

إلى ذلك، تعهدت الصين بإبقاء سفارتها في أفغانستان وزيادة مساعدتها للبلاد، وفقا لناطق باسم طالبان. وفي موسكو، أمل الرئيس فلاديمير بوتين في أن تتصرف طالبان بشكل "متحضر".

وعرضت دول الاتحاد الأوروبي الجمعة شروطها لإقامة علاقات مستقبلية مع طالبان، وقررت التنسيق معها لضمان وجود أوروبي مدني في كابول للمساعدة في عمليات الإجلاء في حال سمحت الظروف الأمنية بذلك.

ويُفترض أن يبدأ وزير الخارجية الإيطالي جولة تشمل أوزبكستان وطاجيكستان وقطر وباكستان. ومن المقرر أن يزور نظيره البريطاني المنطقة الأسبوع المقبل.

 

فرانس24/ أ ف ب

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24