التوتر يطغى على أول إحصاء سكاني في مقدونيا الشمالية منذ عقدين
سكوبيي (جمهورية مقدونيا الشمالية) (أ ف ب) –
نشرت في: آخر تحديث:
منذ بداية أيلول/سبتمبر، تقطع إيلينا ديميتريفسكا يوميا كيلومترات على قدميها لتطرق الأبواب وتطلب من سكان مقدونيا الشمالية المشاركة في أول إحصاء للسكان في الدولة البلقانية الصغيرة منذ نحو عقدين.
لم ينظم منذ عام 2002 تعداد لسكان الجمهورية اليوغسلافية السابقة حيث تعيش غالبية من المقدونيين السلاف مع أقلية ألبانية وازنة. ويعود ذلك لتأثيره المحتمل على المجموعات الإتنية، فهي عملية حساسة ومصدر خلافات عميقة.
والإحصاء ضروري لبلد يطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ويفترض أن يتم كل عشر سنوات لكنه يواجه حتى الآن مقاومة قوية.
رغم ذلك، لا تواجه إيلينا ديميتريفسكا صعوبات في عملها أثناء تنقلها من منزل لآخر في بلدة إيليدين التي تقطنها غالبية مقدونية شرق العاصمة سكوبيي.
تضع الشابة كمامة طبية وترتدي قميصا كتب عليه "الإحصاء" باللغات الست الرئيسية التي يتم التحدث بها في البلاد، تتحقق من الهويات وتطرح الأسئلة ثم تنتقل إلى المنزل التالي.
تقول المرأة العشرينية لوكالة فرانس برس "كل شيء يسير على ما يرام هنا ولم يتم رفض اي مندوب"، وتضيف "اضطررنا فقط للعودة إلى بعض المنازل عدة مرات".
يمنح الدستور حقوقا للأقليات التي تمثل أكثر من 20 بالمئة من السكان على المستوى الوطني وكذلك على المستوى المحلي.
وتخضع بعض المناصب العامة في الشرطة والجيش والوزارات لنظام الحصص الإتنية، وكذلك استخدام لغات مختلفة في الوثائق الرسمية وفي التعليم.
- تضخيم الأرقام -
نظّم آخر تعداد للسكان بعد عام من الاشتباكات المسلحة في عام 2001 بين المتمردين الألبان والقوات المقدونية.
كان عدد سكان البلاد آنذاك 2,1 مليون نسمة، الثلثان مقدونيون والربع ألبان إضافة إلى أقليات صربية وبوسنية وغجرية وتركية.
لكن الخبراء يقدرون أن عدد السكان انخفض مذاك إلى 1,6 أو 1,7 مليون نسمة بسبب الهجرة المكثفة.
واحبطت محاولة إجراء إحصاء عام 2011، وتبادلت حينها الغالبية المقدونية والأقلية الألبانية الاتهام بالسعي لتضخيم الأرقام.
وفي تصريح لفرانس برس، قال جلال جاكوبي عضو لجنة التعداد المحلية في بلدية سراج ذات الغالبية الألبانية قرب العاصمة، إن الأمور تسير بدون عوائق.
وتؤكد فجولكا مصطفى ذلك قائلة "سجلنا عائلتنا كلها وكل شيء سار على ما يرام... أعتقد أن الأمر سيان بالنسبة للجميع".
ووفق مكتب الإحصاء الوطني، أجاب أكثر من 1,3 مليون شخص على أسئلة حول انتمائهم الديني والإتني ولغتهم الأم أو اللغة المستخدمة ومستوى التعليم والدخل، وذلك قبل أيام من انتهاء العمليات في 30 أيلول/سبتمبر.
لكن بعض الإتنيات تعترض على الإحصاء وتتهم حكومة زوران زئيف الاشتراكية الديموقراطية بالسعي لتزوير النتائج.
- "معرفة عدد مواطنينا" -
يدعو النائب ديميتار أباسييف، زعيم حزب ليفيكا اليساري المعارض، إلى مقاطعة التعداد على أساس أن المنهج المستخدم لن يكون في صالح المقدونيين. ويدعي بدون دليل أن 200 ألف شخص ملتزمون دعوته.
من جهته، حذر ممثل الجالية التركية أمين هوسيف من أنه "إذا كان الأتراك أقل من سبعة بالمئة، فلن يعترفوا بالنتائج".
وتتكرر القصة نفسها مع الاتحاد الديموقراطي للتكامل المشارك في الائتلاف الحاكم، والذي قال إنه سيعتبر العملية غير شرعية إذا جاءت نسبة الألبان أقل من 20 بالمئة من الشعب.
علاوة على كل ذلك، يتأثر الإحصاء بالجدل بين مقدونيا الشمالية وبلغاريا التي تعطل ترشح سكوبيي لعضوية الاتحاد الأوروبي حتى تعترف الأخيرة ب"جذورها البلغارية".
في صوفيا، يتهم بعض السياسيين سكوبيي بالضغط على ما يقرب من 130 ألف مواطن يحملون جوازات سفر بلغارية حتى لا يعلنوا أنهم من أصل بلغاري.
ويعتبر المحلل السياسي بيتار أرسوفسكي أن العمليات تسير بشكل جيد رغم محاولات تعطيلها. ويقول لوكالة فرانس برس إن "الاحزاب الصغيرة تبحث عن مواضيع تستغلها لزيادة شعبيتها".
وتؤكد الحكومة أن نقص البيانات الديموغرافية يجعل من الصعب التخطيط لتلبية احتياجات السكان، ناهيك عن وضع قوائم ناخبين موثوق بها.
واكد زوران زئيف أن حقوق الإتنيات "ستبقى على حالها"، مضيفا أن "الهدف الرئيسي هو معرفة عدد مواطنينا، وعدد الذين يعيشون في الخارج حتى نتمكن من التخطيط".
© 2021 AFP