شهادات حية للاجئين سوريين وقعوا ضحية أجهزة الأمن و"الشبيحة"
أنطاليا (تركيا) – تمكن مبعوث فرانس 24 إلى الحدود التركية-السورية من تسجيل شهادات حية لشبان سوريين أصيبوا برصاص الأجهزة الأمنية السورية و"الشبيحة" خلال تظاهرات بجسر الشغور واللاذقية وجبل الزاوية. ورغم الآلام والمصائب والتهديدات التي لا تزال تطال عائلاتهم في سوريا، إلا أنهم عبروا عن إصرارهم على العودة إلى بلادهم بعد استكمال العلاج.
نشرت في: آخر تحديث:
رحلة إلى قرية "كوفتشي" معقل اللاجئين السوريين
التقى مبعوث فرانس 24 الخاص إلى الحدود السورية- التركية في مستشفى بأنطاكيا ثلاثة شبان أصيبوا برصاص الجيش السوري خلال التظاهرات الاحتجاجية التي عرفتها اللاذقية وجبل الزاوية وجسر الشغور.
وقد تمكنوا من عبور الحدود بمساعدة من المعارضة السورية المتواجدة في أنطاكيا. وكان في استقبالهم الجيش التركي والهلال الأحمر.
itكان الوصول إليهم صعبا جدا بسبب انتشار الشرطة على مدخل المستشفى وفي بعض الحالات أمام الغرف التي كانوا يتواجدون فيها. فالكاميرات وآلات التصوير ممنوعة والزيارات مسموحة لعائلات المصابين فقط، لكننا تمكنا من الدخول بمساعدة بعض الناشطين السوريين المتواجدين في أنطاكيا وأمضينا معهم حوالي 30 دقيقة وسجلنا شهاداتهم ومعاناتهم مع النظام السوري الذي يصفونه بالوحشي والمتخلف.
it
إبراهيم نجا من الموت لكنه أصيب برصاصة في رجله
إبراهيم تاجر من اللاذقية يبلغ من العمر 30 سنة، أصيب في رجله برصاص الأمن السوري. فر إبراهيم من اللاذقية في شهر أبريل/نيسان الماضي لأنه كان "قائدا للثورة" السورية في الأحياء الشعبية بهذه المدينة. وقال "النظام السوري طلب مني أن أتدخل وأقنع الشبان المتظاهرين بعدم الخروج إلى الشوارع للاحتجاج، ووعدني بمنحي مبلغا ماليا لأعالج ابني المصاب بالشلل، لكني رفضت المساومة إيمانا مني بشرعية المطالب الشعبية وبنضالي من أجل العدالة والحرية في بلدي سوريا".
itرغم التهديدات والمخاوف، شارك إبراهيم في العديد من التظاهرات الشعبية السلمية باللاذقية، التي نادت بإسقاط النظام. وأضاف: "قمنا باعتصام في بداية شهر أبريل/ نيسان بساحة الصليبة قرب حي العلبي حتى منتصف الليل. لكن تفاجأنا عندما أرسل الأمن السوري سيارات إطفاء قامت برشنا بمياه عكرة لفك الاعتصام، ورغم ذلك لم نتفرق".
ولم يتوقف القمع عند هذا الحد، حسب إبراهيم، بل جاء الجيش بدباباته وقام بإخلاء الساحة بالقوة وحاصر كل المداخل وبدأ يطلق النار على المعتصمين. نجا إبراهيم من الموت وصعد إلى الجبل هربا من الأمن الذي كان يبحث عنه وداهم منزله وعائلته. ويقول مسترجعا ذاكرته: "بقيت في الجبل مدة طويلة، ثم انتقلت إلى بلدة جسر الشغور وشاركت في إحدى التظاهرات التي نظمها شباب الجسر وأصابني الجيش السوري برصاصة في رجلي اليسرى. لكن شبان جسر الشغور أسعفوني وأخذوني على متن سيارة حتى الحدود التركية وسلموني إلى الجيش والهلال الأحمر التركيين ثم نقلوني إلى المستشفى في أنطاكيا لكي أتلقى العلاج ".
ورغم إصابته البالغة، ينوي إبراهيم العودة إلى اللاذقية بعد خروجه من المستشفى كون عائلته لا تزال تعيش هناك. يواصل إبراهيم قائلا: "لم ينقطع الاتصال بيننا رغم وجودي في المستشفى منذ شهر، لكن يبدو أن الوضع أصبح أسوأ مما كان عليه. أخي أخبرني أن حي الرمل الجنوبي في اللاذقية تمت محاصرته بحرا وبرا وأن زوارق حربية استهدفت المباني والعباد والشبيحة يعتقلون ويعتدون على الناس".
جمال: "رجال الأمن يقتلون أي شخص يحاول إسعاف المصابين"
جمال شاب في 17 من عمره. يقطن في بلدة جبل الزاوية وشارك هو أيضا في العديد من التظاهرات الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد. روى جمال قصة إصابته في ساقه برصاصة متفجرة والدموع تسيل من عينيه من هول ما عانى من الألم والجوع. "لقد شاركت في تظاهرة جمعة الحرية بعد صلاة الجمعة وذهبنا باتجاه منطقة تدعى معرة النعمان في محافظة إدلب. أسطح المباني كانت مملوءة بالقناصة والشوارع مكتظة بالشبيحة وبرجال ارتدوا الزي الأسود، يقال إنهم إيرانيون. بدأ الرصاص يأتي من جميع الجهات ولم نستطيع الهرب. رجال الأمن كانوا يقتلون أي شخص يحاول إسعاف المصابين. أصبت برصاصة متفجرة ممنوعة دوليا في ساقي وسقطت على الأرض. لكن عندما رأيت الشبيحة يركضون ورائي من أجل إلقاء القبض علي، هربت وأنا أنزف دما حتى مستشفى الخطيب. المتظاهرون وقفوا في وجه رجال الأمن الذين كانوا يبحثون عن المصابين. بعد ذلك ، قررت الصعود إلى الجبل، لكن حالتي الصحية تدهورت كثيرا، مما جعل والدي يقوم بكل ما في وسعه من أجل إجلائي إلى تركيا لتلقي العلاج."
وحاليا يتلقى جمال العلاج في مستشفى بأنطاكيا منذ شهر وخضع لخمس عمليات جراحية. ومن المتوقع أن يجري عملية سادسة. وختم جمال شهادته قائلا: "لا أدري متى سأخرج من هنا، لكن مهما كان الوضع، سأعود إلى سوريا".
تامر: "في سوريا ولدت وفيها أموت"
تامر من جسر الشغور يبلغ من العمر 31 سنة وهو تاجر في المعدات الصناعية وأب لثلاثة أولاد. قصته لا تختلف كثيرا عن قصص زملائه. فلقد قرر المشاركة في تظاهرات مناهضة لنظام بشار الأسد للتنديد بتصرفات الأمن السوري. لكنه تفاجأ بالرد العنيف والقاسي، مما زاده قوة وقناعة بمواصلة النضال بحسب قوله. "في البداية كانت التظاهرات صغيرة، لكن مع مرور الوقت وارتفاع حدة العنف، ارتفع عدد المشاركين في المسيرات الاحتجاجية وأصبحنا ننزل إلى الشوارع بصورة شبه يومية". ولن ينسى تامر ذلك الاجتماع الذي نظمه مع رفاقه أمام مبنى "حزب البعث" في الجسر ورد الفعل الوحشي للأمن السوري لتفريقهم. "الأمن ألقى علينا قنابل غاز سامة من صنع إيراني حسب الكتابة التي كانت تظهر عليها وأوقف العديد من الشبان".
وبعد مرور أسبوع يقول تامر، أرسل النظام السوري الأمن والشبيحة لتهديدهم ومنعهم من الخروج في تظاهرات شعبية جديدة. وقال تامر: "هددني جاري بإغلاق المحل الذي أشتغل فيه وبقتل ابنتي في حال واصلت التظاهر. أصبحت أشارك في جميع التظاهرات رافعا شعار"الموت أو العيش بكرامة". وأصبت خلال تظاهرة بطلقة نارية في اليد وأخرى على مستوى الكتف وسقطت على الأرض. لكن أصدقائي ساعدوني وهربوني إلى الحدود التركية. حاليا أتلقى العلاج في المستشفى منذ شهر تقريبا. عائلتي غادرت جسر الشغور وذهبت إلى قرية بعيدة، لكن سأعود إليها في أقرب وقت لأنني لا أستطبع العيش بعيدا عنها وعن سوريا. ولدت فيها، وسأموت فيها."
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك