إيف "سان لوران" يعري في مهرجان كان جسده المعذب
يزخر مهرجان كان هذا العام بأفلام تتناول سيرة مشاهير عبر العصور ومن أهمها "سان لوران" من إخراج الفرنسي برتران بونيلو، والذي يشارك في المسابقة الرسمية من أجل السعفة الذهبية.
نشرت في: آخر تحديث:
إن لم يلق فيلم "سان لوران" لبرتران بونيلو تشجيع إيف بيرجيه شريك حياة إيف سان لوران ومسيرته المهنية، فربما لأنه يقدم صورة قاتمة عن عالم المخدرات والهلوسة التي كانت ضريبة دفعها مصمم الأزياء الشهير من أجل الجمال والفن.
غاسبار أوليال في رقة البجع "swann" يتقمص دور مصمم الأزياء الفرنسي الشهير إيف سان لوران. "سوان" هي إحدى أهم شخصيات الكاتب العظيم مرسيل بروست، هذا الاسم المستعار هو الذي كان يستعمله سان لوران لحجز غرف في الفنادق. وقبل أقل من ستة أشهر صدر في فرنسا فيلما آخر حول إيف سان لوران، للمخرج جليل لسبير، فكانت المخاوف كبيرة من احتمال أن يكون أحد الفيلمين نسخة باهتة عن الآخر. ثم انشرح الجمهور بعد عرض "سان لوران" لبرتران بونيلو في مهرجان كان، لا لأن الفيلم كان معجزة سينمائية، بل لأنه تناول سيرة "آخر المصممين الفرنسيين" الكبار من خلال زاوية مختلفة عما تطرق إليه جليل لسبير. وعاب البعض على فيلم بونيلو هدره شيئا ما لأسطورة الخياط الفرنسي الأكثر شهرة بعد كريستيان ديور. وفجر كذلك الجدل بشأن المقارنة بين الأداء المذهل للممثل بيار نينيه في فيلم جليل لسبير وأداء غاسبار أوليال في فيلم بونيلو.
عالم من المخدرات والكحول، وبحث مهووس عن إفشاء رغبة جسدية كابحة بمضاجعة مجهولين وعشاق مختلفين. هكذا ظهر إيف سان لوران في الفيلم الطامح للسعفة الذهبية، ضحية هلوسات بصرية وشهوات لا متناهية تجاه "أجساد بلا روح" وسط العري والبذخ. وكأن العذاب كان ضريبة ضرورية للوصول للجمال وأن إيف سان لوران نفث ما تبقى من روحه ليكسو النساء. فخلقت الإحالة على تأثير كبار الرسامين في عمله، على غرار موندريان وماتيس، تنوعا بصريا مبهرا. ونجح بونيلو في إقحامنا بكاميرا ذاتية في جهنم العمل الفني وجناته المزيفة، فشاهدنا الحفلات بعين "سان لوران" والأرق والسهاد بعين "سان لوران" وتعلقنا بجنونه وشكوكه.
كان فيلم لسبير من جهته مطمئنا على الصورة الملساء التي نعرفها عن الفنان، وعن شريك حياته إيف برجيه الذي تحمل نزواته وسانده في كل مراحل حياته. فأجبرتنا السيرة الجديدة على الاستفاقة والتيقن من أن عالم المال والموضة ليس بالبراءة والأناقة التي كنا نتخيلها. إيف "سان لوران" في أوج فنه المعذب، وبيار بيرجيه شبه غائب وطامع... هذه هي الصورة القاتمة التي قسمت الكروازيت بين مرحب ومستاء، يقودها شريط موسيقي رائع (لا كلاس، باخ) ومراجع سينمائية انتقائية أهمها اقتباس لمقطع أسطوري من فيلم "السيدة ..." لماكس أوفولس (1953) وهي تقول لحبيبها كذبا "لا أحبك لا أحبك لا أحبك".
أما "السيد تورنر" لمايك ليغ فعرضت سيرة فنان آخر عاش بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر، يصارع أيضا عالمه الداخلي المتناقض مع ما حوله.
مها بن عبد العظيم
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك