مهرجان كان 2014

حوار مع المخرجة التونسية كوثر بن هنية

يعرض فيلم "شلاط تونس" للمخرجة كوثر بن هنية في مهرجان كان بعد اختياره من قبل جمعية الأفلام المستقلة للتوزيع إلى جانب ثمانية أفلام طويلة من مختلف أنحاء العالم لعرضه في قسم خاص بأفلام الجمعية ACID

كوثر بن هنية
إعلان

 "شلاط تونس" فيلم جريء مستلهم من قصة مجهول كان يضرب أرداف النساء

 تمثلين بلادك في مهرجان كان هذه السنة بفيلم "شلاط تونس"، فما هو شعورك وماذا يمثل مهرجان كان بالنسبة إليك؟

مهرجان كان من المهرجانات العريقة التي يحلم كل مخرج أن يعرض له فيلم في أقسامها وهو كذلك مفتاح مهم لتوزيع الفيلم وإعطائه فرص أكبر للتواجد في السوق العالمية. منذ المراحل الأولى من كتابة فيلم "شلاط تونس" وحتى نهاية إنتاجه كان الجمهور نصب عيني ولكن للوصول إلى الجمهور وجب المرور عبر مسالك التوزيع السينمائي في السوق العالمية. وعموما هذه السوق لا تكترث للأفلام «الصغيرة» القادمة من الجنوب. ويفرض هذا الواقع على مخرجي بلدان الجنوب أن يكونوا على قدر كبير من البراعة السينمائية لصناعة أفلام رائعة يمكنها إيجاد مكانة في المهرجانات الكبرى من أجل الحصول على إمكانيات وسط لوجيستيك التوزيع الشرس.

المرور بمهرجان مثل كان أصبح الوسيلة الوحيدة تقريبا لاقناع الموزعين وأصحاب القاعات بتبني أفلامنا وعرضها. المهرجانات الكبرى هي جس نبض يوجه السوق إذ يكفي أن يختار مثلا مهرجان كان السنة المقبلة فيلمين تونسيين آخرين مع بعض المشاركات لأفلام تونسية في مهرجان برلين أو البندقية حتى تصبح تونس محل اهتمام عالمي. لهذا أتمنى أن لا يكون تواجد الأفلام التونسية في المهرجانات الكبرى (مثل تواجد "شلاط تونس" هذه السنة) مجرد حالة معزولة بل وأن تتوالى المشاركات في السنوات المقبلة لخلق حركة ثقافية أكبر تتماشى مع حماسة وجمال أحلام الثورة في لحظاتها الأولى !

شكل الفيلم فريد جدا يصعب تصنيفه هل كان ذلك اختيارا مسبقا؟ فأين هو من الواقع والخيال؟

الفيلم روائي بأسلوب وثائقي حول حدث عابر حقيقي أضحى أسطورة شعبية. فهو روائي لأن مشاهده مكتوبة مسبقا وحبكته مرسومة منذ البداية. أسلوبيته وثائقية لأنه يستعمل شروط فيلم الاستقصاء الوثائقي ويحاكيها. الواقع والخيال متداخلان في الفيلم عن قصد لأن حادثة الشلاط ظلت لغزا في مخيلة التونسيين الذين حاكوا حولها القصص والإشاعات حتى غدا الحدث العابر أسطورة يتندر بها البعض ويخاف منها البعض الآخر. أما بالنسبة لي فكان التحدي الأكبر هو أن أصنع فيلما تتداخل فيه الحقيقة بالخيال دون فواصل أو خطوط لفتح فضاء جديد من الممكن الذي يجوز تصديقه.

ماذا أردت من قصة الشلاط ؟ وماذا اكتشفت عن هذا المجتمع؟ من أين جاءت هذه الصبغة الهزلية-المبكية في الفيلم؟

الشلاط عبارة عن ورم في جسد مريض. أمسكت بالورم لأتعرف على المرض، وعلى أسبابه ونتائجه. الشلاط كان ذريعة لفتح باب يطل على تشوهاتنا النفسية، لتفكيكها. الصورة قاتمة نوعا ما، لكنها كذلك عبثية وهزلية لحد الدهشة. الضحك من ذواتنا يمكن أن يكون أول طريق للشفاء حتى لو كان المرض عضال. التنديد لا يفيد فجربت السخرية السوداء، لعل وعسى نروح عن أنفسنا بضحكة عميقة رغم الألم.

كيف كان استقبال الفيلم في تونس؟

الفيلم يعرض في تونس منذ مطلع أبريل/نيسان ولا يزال يعرض في قاعات السينما. أنا سعيدة باستقبال الفيلم في تونس وقد حرصت على القيام بعدة لقاءات مع الجمهور بعد العروض لأن ردود فعل الجمهور تهمني بشكل خاص وقد كانت الحوارات في مجملها شيقة وثرية. لمست تعطش التونسيين لسينما جديدة تعطيهم مساحة للتفكير ومساءلة الذات.

هل تعتقدين أن الثورة ولدت لغة فنية جديدة؟

الثورة نسفت كل الخطابات الفنية والسياسية القديمة. لم يعد هناك مجال أن نتوجه للتونسي بخطاب محنط وممجوج. لذلك وجب إعادة النظر في كل خطاباتنا. ولادة لغة فنية جديدة أصبحت ضرورة لنرقى على الأقل لمستوى دقة المرحلة. أن تحكي حكاية عبر أدوات السينما مثلا هو أمر على قدر كبير من الجدية والخطورة. يجب أن نتعامل مع إنتاجاتنا الفنية على هذا الأساس، أي على أمل أن ندخل في طور ثورة ثقافية تلي الثورة السياسية. ثورة ثقافية تفكك بنيان الفكر الواعي واللاواعي وتعيد خلقه بأشكال جديدة وبروح جديدة لننفض الغبار عن عقولنا كي نستطيع أن نأسس لحلم ما.

هل من الصعب أن تصبح سينمائيا في تونس ولماذا؟

من الصعب أن تصبح سينمائيا في كل مكان. لكي تصبح جراحا ماهرا أو مهندسا معماريا عليك الدراسة طوال سنين وممارسة المهنة كذلك لمدة طويلة. أن تصبح كاتب سيناريو أو مخرج يتطلب كذلك الكثير من العمل والجهد اليومي. الخيال والموهبة شيئان مهمان لكنهما لا يصنعان سينمائيا. العمل الدؤوب وطول النفس والإيمان العميق بأهمية صناعة أفلام في المستوى المتوقع: تلك أشياء يمكن أن تصنع مخرجين مهمين.

ما هي مراجعك السينمائية الغربية والشرقية؟

مراجعي عديدة ومتنوعة لكنني معجبة بقدر عالي بالمخرج الدانماركي لارس فون ترير وذلك لقدرته الرهيبة على صناعة أفلام قوية دون تكرار نفسه مع الجرأة على خوض غمار تحدي فني جديد مع كل فيلم. أحب كذلك السينما الإيرانية لبساطتها وعمقها كما أني من محبي سينما الواقع والأفلام الوثائقية فهي بالنسبة لي مختبر فريد من نوعه لإعطاء البوصلة للسينما عموما.

مها بن عبد العظيم

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24