تونس: انتحار الأطفال ظاهرة اجتماعية أم تهويل إعلامي؟
أصبحت عناوين الصحف في تونس لا تخلو، تقريبا يوميا، من أخبار حوادث الانتحار والمخيف أن الأطفال أصبحوا أبطالها، فهل هي فعلا ظاهرة اجتماعية مفزعة أم أنه تهويل إعلامي لجلب اهتمام القراء للحوادث المتفرقة؟
نشرت في:
شهدت تونس سنة 2014، 203 حالة انتحار أي بمعدل 17 حالة كل شهر، وفق المرصد الاجتماعي التونسي. وبين إجمالي حالات الانتحار 18 طفلا دون 15 عاما أقدموا على الانتحار، و52 حالة لمراهقين بين 16 و25 عاما وهي النسبة الأعلى والتي تمثل 26 بالمئة من إجمالي حوادث الانتحار في تونس سنة 2014.
وقد أشارت أسماء سحبون، الناشطة في وحدة الرصد في المرصد الاجتماعي التونسي، أن هذه الإحصاءات جمعت من خلال وسائل الإعلام اليومية والأسبوعية المنشورة في تونس.
ظاهرة منقوصة
قال معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل إنه لا يخلو مجتمع من حوادث انتحار الأطفال إلا أن الإحصاءات في تونس تبقى منقوصة حتى نسميها ظاهرة.
وأوضح الشريف أن إحصاءات حوادث الانتحار في تونس تعتبر منقوصة لأنه لا يوجد مرصد رسمي تابع لوزارة الصحة يحصي عدد الأطفال المنتحرين في تونس لأنها المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تملك الأرقام الدقيقة وهذا يعتبر تعتيما على هذا المشكل الاجتماعي.
وقد أشارت أسماء سحبون أيضا لنفس العائق قائلة إن وزارة الصحة وعدت بأن يتم إنشاء سجل وطني رسمي للانتحار في دسيمبر/ كانون الأول 2014 إلا أن المشروع بقي حبرا على ورق.
من ناحية أخرى فإن مصدر المرصد الاجتماعي التونسي لإحصاء حوادث الانتحار في تونس هو فقط ما تنشره وسائل الإعلام وبالتالي يمكن أن يكون واقع الأرقام أضخم مما نشر.
وأضاف الشريف أيضا أن الإحصاءات في تونس لا تعطي أرقاما عن عدد الأطفال الذين أقدموا على الانتحار ونجوا.
وبالتالي فإن واقع الإحصاءات في تونس فيما يخص الانتحار لا يصور الواقع الاجتماعي بدقة ويمكن أن يخفي ظاهرة اجتماعية مخيفة، كما يمكن أن تكون مجموعة أحداث متفرقة سلط الإعلام الضوء عليها.
تهويل إعلامي
أشار معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل أن حادثة الفتاة -16عاما- التي انتحرت شنقا في بيتها الجامعي بولاية جندوبة، والتي قامت قناة تلفزيونية تونسية خاصة بسرد تفصيلي لعملية انتحارها وظروف حياتها، تبعته سريعا 3 حالات انتحار أطفال في مناطق مختلفة وأعمار مختلفة والتنفيذ بنفس الطريقة، شنقا.
وقد أكد الشريف في هذا الخصوص أن الأخصائيين أجمعوا على أن وسائل الإعلام لها دور في تنامي وتفاقم هذه الحوادث قائلا: "كل ما تحدثنا عن هذه الحوادث كلما تفاقمت، فالأطفال سريعو التأثر."
ونقل معز الشريف أن أخصائيي علم نفس الطفل حذروا من كيفية التعامل مع هذه الأحداث وأكدوا على وجوب تفادي تعاطيها إعلاميا.
من ناحية أخرى ركز الشريف على إدمان الأطفال اليوم على الفضاء الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي الذي يتشاركون فيه هذه الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام فيتأثرون بها.
فمفهوم الموت عند الأطفال يختلف عن مفهومه عند الكبار هذا إضافة إلى الإدمان على الألعاب الإلكترونية الافتراضية فيحسب الطفل أنه إذا مات سيعود إلى الحياة.
وبالتالي فكما أن هذه الإحصاءات منقوصة، تهولها وسائل الإعلام، فإن تعامل الجهات الرسمية أيضا مع الأطفال الناجين من محاولة الانتحار منقوص، مثلما قال معز الشريف" لا تقع مرافقة الأطفال الناجين من محاولات الانتحار من قبل مندوبية حماية الطفل ومعرفة أسباب هذه المحاولة ومعالجتها" وهذا ما يمكن أن يحول هذه الأحداث المتفرقة يوما لظاهرة مرعبة.
صبرا المنصر
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك