هل يتجه مهرجان كان نحو تمثيل أكبر للسينما العربية مستقبلا؟
يشارك العديد من الأفلام العربية في مهرجان كان 2016، وإن كان أغلبها خارج المسابقة الرسمية، إلا أن حضورها يبقى رمزيا وواعدا، بحيث يكرس ديناميكية جديدة عرفتها هذه السينما بعد الحراك الاجتماعي الذي انطلق في 2011.
نشرت في: آخر تحديث:
جملة يعرفها قلم أجيال من نقاد السينما العربية: "غياب في مهرجان كان".."شبه غياب".. "حضور ضعيف".. الأمر لم يتغير بصفة راديكالية. لكن الصحافيين والجمهور يحاولون دائما رؤية النصف المليء من الكأس، متشبثين بالأسماء والحروف والحكايات التي توحي بأي شيء له علاقة بالعرب.
وأمام استحالة الإجابة عن السؤال "ما معنى فيلم عربي؟" والذي يفتح الباب أمام تأويلات قد تكون أحيانا تقريبية حول الهوية والسياسة، نكتفي هنا بمحاولة رصد الأفلام التي تشارك هذا العام في النسخة 69 من المهرجان.
القسم الأهم والذي يتماهى مع المهرجان ويصنع شهرته هي المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، والعام 2016 لا يمثل استثناء للسينما العربية الغائبة عن السباق نحو السعفة الذهبية.
<<للمزيد السينما العربية الغائبة عن مهرجان كان أو "عقدة سلمى حايك"
فيلم عربي وحيد في المسابقة الرسمية (في فئة الأفلام القصيرة)
لكن تجدر الإشارة إلى مشاركة الفيلم التونسي "علوش" (خروف) للمخرج لطفي عاشور في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة. وكان لطفي عاشور قد حاز جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان أبو ظبي السينمائي عام 2014 عن فيلم قصير آخر بعنوان "بو لولاد".
ويعرف لطفي عاشور أيضا بإخراجه المسرحي لا سيما عبر "حب ستوري" مع الممثلة أنيسة داود.
<<للمزيد: أنيسة داود "المجتمع التونسي بعيد عن نموذج النقاء الذي يريده الإسلاميون"
وأعرب لطفي عاشور للإعلام المحلي عن سعادته بهذا الاختيار مؤكدا أنه "كان من باب المستحيل تخيل وصول الفيلم للمسابقة الرسمية للمهرجان العريق من بين نحو 5 آلاف فيلم قدمت ترشحها". ونوه المخرج بعمل الفريق الذي صور في ولاية تطاوين بالجنوب التونسي.
وكانت السعفة الذهبية لفئة الفيلم القصير للعام 2015 ذهبت لللبناني إيلي داغر عن فيلمه "أمواج 98". وتترأس لجنة تحكيم هذه النسخة 69 من المهرجان الدولي المخرجة والكاتبة اليابانية ناعومي كوازي.
الاختيارات الرسمية: فيلم مصري يفتتح قسم "نظرة خاصة"
ورغم غياب السينما العربية والإفريقية عن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، فإن الاختيارات الرسمية شملت الفيلم المصري "اشتباك" لمحمد دياب الذي سيفتتح عروض قسم "نظرة خاصة"، وتترأس لجنة تحكيم هذه الفئة الممثلة السويسرية مارت كيلر.
و"اشتباك" من بطولة نيللي كريم وهاني عادل، يتطرق للمظاهرات التي تلت عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 2013 . لكن المخرج نفى أن يكون فيلمه سياسيا بعد تكهنات الصحافة المصرية بموضوعه وقال إنه فيلم "إنساني" في طريقة بحث الشخصيات.
واشتهر محمد دياب بفيلمه "678" الذي أخرج عام 2010 وتناول مسألة التحرش الجنسي بالنساء في بلاده وكان قد لاقى نجاحا كبيرا نظرا لدقة طرح موضوع مماثل على مجتمع محافظ.
<<للمزيد تشيخوف مصري يحمل إلى مهرجان كان "مشروع الحمام بالكيلو 375"
أما فيلم "أمور شخصية" وهو العمل الطويل الأول لمها حج أبو العسل فيعرض أيضا ضمن فعاليات "نظرة خاصة"، ويطرح الاختيار مجددا إشكالية التمويل الإسرائيلي لشريط مخرجه فلسطيني من أراضي 1948. ويبحث الفيلم العلاقات الزوجية في أوساط ثلاثة أجيال فلسطينية وشارك في تمثيله ميساء عبد الهادي ودريد لداوي وعامر حليحل وحنان حلو.
<<للمزيد: مهرجان كان: عرب وطرزان و.. أسد غزة
وخلال المؤتمر الصحفي السنوي لمهرجان كان قال المندوب العام للمهرجان تيري فريمو في رد على سؤال حول غياب السينما العربية: "هناك العديد من البلدان الغائبة ضمن العشرات التي تشملها قائمة اليونيسكو".
وتابع: "نولي نفس الاهتمام بالأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية وبتلك التي تنضوي تحت الاختيارات الرسمية"، مشيرا بالتحديد إلى عرض فيلم محمد دياب و"الفيلم الفلسطيني" ودعى إلى متابعة تطورات هذه السينما التي "قد تصنع المسابقات الرسمية في السنوات المقبلة".
فيلمان لتونسي وتشادي ضمن "الحصص الخاصة"
من جهة أخرى، وضمن الاختيارات الرسمية أيضا، يعرض "حسين حبري. تراجيديا تشادية" للتشادي محمد صالح هارون ضمن قسم "حصص خاصة". وحسين حبري هو الرئيس التشادي السابق ويلاحق بتهم ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتعذيب" أسفرت خلال فترة حكمه عن 40 ألف قتيل.
<<للمزيد : "غري غري" للتشادي محمد صالح هارون في السباق نحو السعفة الذهبية
وكان محمد صالح هارون قد شارك في المسابقة الرسمية عام 2010، وفاز بجائزة لجنة التحكيم عن فيلمه "رجل يصرخ".
وفي نفس الفئة يعرض كذلك فيلم "شوف" للمخرج الفرنسي التونسي كريم الدريدي، ويتناول الفيلم وقوع الشباب في شبكات الاتجار بالمخدرات في مدينة مرسيليا جنوب فرنسا.
أفلام عربية في التظاهرات الموازية
أما الأفلام المعروضة خارج الاختيارات الرسمية، لكن في أقسام موازية هامة للمهرجان، على غرار "أسبوع النقاد" و"أسبوعي المخرجين"، فتكشف أسماء شابة وصاعدة لجيل بدأ يبث نفسا جديدا في السينما العربية. وأغلب هذه الأفلام لمخرجين ولدوا في فرنسا من آباء مهاجرين أو لجؤوا إلى هذا البلد، وتعتبر فرنسا أكثر البلدان دعما لسينما دول جنوب البحر المتوسط لا سيما عبر الإنتاج المشترك.
فتظاهرة "أسبوعي المخرجين"، كشفت عن مشاركة ثلاثة أفلام عربية- فرنسية. ففي عملها الأول "الهيات"، تروي المخرجة المغربية - الفرنسية هدى بنيامينا قصة "دنيا" التي تعيش في حي من أحياء الضواحي يعج بالإسلاميين وبكل أنواع التجارة غير الشرعية.
وقالت هدى بنيامينا إن فيلمها "يتجاوز قمقم الضاحية المعتاد ليسائل الإنساني والمقدس والسياسي في مجتمعنا". وكانت هدى بنيامينا قد فازت عن فيلمها "على درب الجنة" بسيزار الفيلم القصير عام 2013.
<<للمزيد: فلسطينية وإسرائيلية تتبادلان هويتيهما في فيلم "صنع يدوي"
واختير كذلك فيلم "دورة فرنسا" لرشيد جعيداني للمشاركة في "أسبوعي المخرجين"، وهو قصة حب تجمع بين شاب مهاجر ومدربة سباحة في باريس . والمخرج فرنسي مولود لعامل بناء مهاجر من أصل جزائري ولأم سودانية، بدأ حياته ملاكما ثم صار كاتبا وبعدها ممثلا ومخرجا. وكان "أسبوع النقاد" في كان قدم له فيلمه الأول "رانغين" (2012).
وفي "أسبوعي المخرجين" أيضا لكن في فئة الفيلم القصير، يشارك داميان أونوري بشريطه "قنديل البحر" في المسابقة. وكان هذا المخرج الشاب أنجز في السابق فيلما وثائقيا بعنوان "فدائي" حول مناضل جزائري ضد الاستعمار الفرنسي. وداميان أونوري جزائري ولد في فرنسا عام 1982 ويعمل أساسا في الجزائر بعد أن درس في باريس.
أخيرا وفي فعاليات "أسبوع النقاد" تمكن اللبناني فاتشيه بولغورجيان عبر فيلمه الروائي الطويل الأول "ربيع" (تراماتون بالأرمنية) من حمل لبنان لأول مرة إلى هذه الفئة التي تقام منذ 55 عاما. يعيش المخرج في باريس وفيلمه من إنتاج عربي فرنسي مشترك، وهو يتناول مسألة البحث عن الجذور من خلال شخصية مغن أرمني كفيف.
ويعرض في كان عملان لبنانيان آخران. فاختارت جمعية الأفلام المستقلة للتوزيع فيلما روائيا طويلا هو الأول للمخرج وسام شرف ويحمل عنوان "من السماء"، إلى جانب أفلام طويلة من مختلف أنحاء العالم لعرضه في قسم خاص بأفلام الجمعية ACID. وقال وسام شرف لفرانس24 إن عرض فيلمه في هذه الفئة "الأحدث والأدق في اختياراتها يبعث على الأمل".
وأخيرا يقدم شريط "غواصة" لمنية عقل ضمن تظاهرة "سينيفونداسيون" لأفلام مدارس السينما (قادما من مدرسة جامعة كولومبيا للفنون في الولايات المتحدة).
ويعتبر هذا الحضور العربي استثنائيا من حيث العدد، وإن كانت أغلب العروض تبقى في الأقسام الموازية، فهل يتجه مهرجان كان نحو دفع أكبر لسينما هذه المنطقة من العالم التي تشهد تغييرات جذرية؟
مها بن عبد العظيم
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك