طفولة

أطفال بغزة ضحية اعتداءات جنسية محاطة بأسوار الصمت

تفضل عائلات الأطفال، الذين يكونون ضحية اعتداءات جنسية في قطاع غزة، الصمت بسبب العادات والتقاليد وانتشار "ثقافة العار"، وهو ما تؤكده شرطة حركة حماس التي تدير منطقة توجد تحت الحصار الإسرائيلي.

حصار القوات الإسرائيلية لقطاع غزة يساهم في تفاقم معاناة الأطفال الفلسطينيين
حصار القوات الإسرائيلية لقطاع غزة يساهم في تفاقم معاناة الأطفال الفلسطينيين أ ف ب / أرشيف
إعلان

تعيش عائلة فاطمة في قطاع غزة معاناة مؤلمة منذ أشهر طويلة، بعد تعرض ابنها البالغ من العمر 11 عاما لاعتداء جنسي تسبب له ولأفراد عائلته بصدمة بالغة دفعتهم إلى نقل مكان سكنهم.

وتقول فاطمة (ثلاثينية)، وهي والدة لسبعة أطفال، وقد قدمت نفسها باسم مستعار، "عاد ابني الأكبر قبل أشهر من عند البقال متأخرا، وكان يبدو عليه الاضطراب. وأبلغني أن أحد أقاربي وأحد الجيران أخذاه إلى منزل مهجور ونزعا ملابسه. ثم بدآ يتفرجان عبر الكومبيوتر المحمول على مقاطع إباحية. وقال إنه حاول الهرب، لكنهما قاما بتقييده والاعتداء عليه".

وعلى عكس كثيرين غيرها، أبلغت العائلة الشرطة التي اعتقلت الشابين وهما في العشرينات من العمر.

وقالت المراة "نتيجة ثغرات في القانون، خرج أحدهم لأنه لم يثبت عليه شيء، وبقي الآخر الذي اعتدي على ابني جنسيا في السجن". وطالبت القضاء بـ"إعدامه كي يكون عبرة، رغم أنه من أقاربي".

وسرعان ما اصطدمت العائلة بنظرة المجتمع الرافضة للحديث عن موضوع محظور.

وتروي فاطمة "رحلنا من المنزل، ودفعنا نقودا كثيرة لنبتعد عن المنطقة، ولم يتبق معنا أي مال".

وتضيف "تأثرت نفسيا كأم بشكل كبير ومرضت، فتوجهت إلى مراكز العلاج النفسي أنا وابني وإخوته لأنهم كلهم تابعوا تطورات المشكلة".

"ثقافة العار"

وتقول أسماء سعود، الإخصائية النفسية في مركز حل النزعات "هناك عائلات تأتي إلى المركز وتروي قصصها"، لكن "هذا العدد يبقى قليلا".

وتضيف سعود التي عالجت عشرات الحالات أن الاغتصاب "موجود لكنه مخبأ بسبب العادات والتقاليد"، مشيرة إلى أنه من أسباب هذه الظاهرة "البطالة وتوجه الشباب إلى الإباحية على الإنترنت والرغبة بممارسة ما يشاهدونه مع الأطفال".

وعزت خوف الأهل من التوجه إلى القضاء إلى ارتباط هذه القضايا بـ"ثقافة العار والسمعة السيئة".

وطالبت بـ"عقاب يشكل رادعا قانونيا".

مساهمة الحصار في معاناة الأطفال

والمجتمع في قطاع غزة محافظ إجمالا ومتدين. وتحاصر القوات الإسرائيلية القطاع منذ فوز حركة حماس بالانتخابات في 2006. ولا يملك الغزاويون أي منفذ إلى الخارج.

وتقول ناديا (42 عاما) "نحن نعيش في منطقة مهمشة بغزة. إبني يعاني من إعاقة حركية. خرج يوما كما المعتاد ينتظر الباص لنقله إلى المدرسة، فنادى عليه أحد المارة من سكان المنطقة وأغواه بالنقود وأخذه الى منطقة غير مأهولة واعتدى عليه جنسيا".

وتضيف "أخبرت الأخصائية النفسية في المدرسة" و"أخذته بشكل سري إلى طبيب أعرفه ففحصه".

وتتابع "إنه يعاني من اضطراب نفسي، وأصبح منطويا على نفسه ويخاف الخروج من المنزل". و"بعد الحادث، انعدم النشاط تماما لديه وتأخر دراسيا".

ولجأت العائلة إلى الحل "العشائري" القاضي بمصالحة بين العائلتين، من دون إبلاغ الشرطة. ولا يزال المعتدي يقيم في الحي نفسه.

وبحسب دراسة صادرة عن المركز الفلسطيني لحل النزاعات، تم إحصاء أكثر من 693 حالة عنف تعرض لها أطفال في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة خلال سنتين، وفي 75 في المئة من الحالات، كان الأطفال يعرفون هوية المعتدي عليهم.

وتقول محاسن (48 عاما) ان ابنتها البالغة ست سنوات "تعرضت لاعتداء جنسي من أحد الموظفين في مدرستها" الذي رفضت الكشف عن وظيفته.

وتضيف "أخبرت عائلتي بما حدث، فاتصلت بالشرطة التي استدعت الطفلة للاستجواب".

وتشير إلى أن "وسطاء طالبونا بالتنازل عن القضية لأسباب إنسانية".

وتضيف "لم تنس ابنتي الحادثة التي تؤثر على نفسيتها، وأنا خائفة على مستقبلها. كيف ستمضي حياتها خائفة ومضطربة نفسيا؟".

ويكشف نائب مدير عام المركز الفلسطيني لحل النزاعات إياد أبو حجير أن بين الحالات التي وصلت إلى المركز، 22 فقط طلبت التدخل القانوني، ومعظم المدعين تراجعوا عن طلبهم" في وقت لاحق.

شرطة حماس والاعتداءات على الأطفال

ويقول أيمن البطنيجي، المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية في غزة التابعة لحماس، "هناك حالات تحرش بالفتيان والفتيات تصل إلى الشرطة الفلسطينية ولا نسكت على متابعتها بالشكل القانوني"، مضيفا "للأسف، كثيرون يعانون من هذه الحالات يترددون في المجيء إلى الشرطة خوفا من الفضيحة".

ويتابع "كمجتمع فلسطيني محافظ، لا يتم التبليغ عن معظم هذه الحالات...للأسف القانون الفلسطيني لا يعتبرها جريمة أو جناية، وكثير من القضايا التي بدأت بتحرش جنسي انتهت بالقتل".

وينص القانون في حال التحرش على عقوبة تتراوح بين ستة أشهر وسنة، بحسب أبو حجير.

لكن يمكن الحكم على منفذ اغتصاب طفل تحت الرابعة عشرة، إذا تمت الإدانة، بالإعدام.

ويدعو أبو حجير إلى تكثيف "توجيه الأطفال في المدرسة أو البيت حول التربية الجنسية"، مطالبا وزارة التربية والتعليم بـ"دمج التربية الجنسية الصحيحة ضمن مناهجها للمرحلة الابتدائية".
 

فرانس 24/ أ ف ب

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24