مئوية معركة فردان تستحضر ذاكرة جنود مغاربيين وأفارقة ماتوا لأجل فرنسا
نشرت في: آخر تحديث:
موفد فرانس24 إلى فردان – مرت 100 عام على معركة فردان الشرسة التي خاضها الفرنسيون ضد الألمان في 1916، وسجلت هذه المعركة التاريخية حضورا بطوليا للجنود المغاربيين والأفارقة فيها. وكان إحياء هذه الذكرى الإثنين مناسبة لتكريم هؤلاء واستحضار الأدوار الكبرى التي لعبوها إلى جانب القوات الفرنسية في دحر جيش العدو.
تبدو مدينة فرادن في شمال شرق فرنسا هادئة، إلا أن المعالم المنتشرة عبرها تخفي أحداثا أليمة جدا في تاريخ فرنسا والعالم برمته، لما تحمله من ذاكرة ثقيلة بالمآسي والأحزان، خلفتها أحد أكبر المعارك في الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت المنطقة مسرحا لها.
للمزيد - الحرب العالمية الأولى: كيف تساهلت فرنسا مع جنودها المسلمين لصيام رمضان
ويصادف يوم 24 تشرين الأول/أكتوبر الذكرى المئوية لمعركة فردان التاريخية، التي دحرت فيها القوات الفرنسية، المعززة بعشرات الآلاف من الجنود المغاربيين والأفارقة الذين برهنوا خلال هذه المعركة عن إقدام وشجاعة كبيرين، نظيرتها الألمانية واستعادت حصن دومونت، مسجلة بذلك إحدى أكبر الانتصارات العسكرية في تاريخها.
وفي هذا السياق جاء تكريم هؤلاء الجنود المغاربيين والأفارقة في إحياء الذكرى المئوية للمعركة، والذي نظم في أجواء عسكرية واحتفالية، يتوخى منها استخلاص العبر من هذا التاريخ الأليم المشترك، الذي لا تتقاسمه دولتان جارتان فقط: فرنسا وألمانيا، وإنما يعني الكثير من الشعوب الأخرى، التي كانت تحسب وقتها من المستعمرات، وأدت بدورها الثمن غاليا في هذه المعركة.
{{ scope.legend }}
© {{ scope.credits }}بالإضافة إلى تونس، والجزائر والمغرب، استدعيت عدة بلدان أفريقية كان لها نصيب مهم في الإنجاز الكبير والتاريخي الذي حققه الجيش الفرنسي على نظيره الألماني في 2016، في معركة كانت طويلة وعنيفة دامت 10 أشهر، وسقط فيها حوالي 300 ألف شخص من الجانبين.
وأوضح المؤرخ الفرنسي إيريك دورو في تصريح لفرانس24 أنه "يصعب تحديد العدد الحقيقي للجنود الذين كانوا يأتون من المستعمرات لدعم القوات الفرنسية"، بحكم أن فرنسا تمنع حتى اليوم القيام بإحصائيات بناء على أسس عرقية، إلا أنه استدرك أن بعض الأرقام تتحدث عن 700 ألف جندي.
تكريم مستحق
وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أكد في كلمته بالمناسبة على الدور الذي لعبه هؤلاء الجنود، القادمون من بلدان في غالبيتها تنتمي إلى أفريقيا، لدعم قوات بلاده لصد الهجوم الألماني، "هؤلاء الجنود هم الذين تكرم ذكراهم فرنسا اليوم"، طبقا لقول لودريان.
السفير الغيني في باريس أمارا كمارا أشاد في تصريح لفرانس24 بأهمية مشاركة الدول الأفريقية في الاحتفاء بهذه الذكرى، معتبرا أن حضور هذه البلدان يؤكد "التضامن" القائم بين الجانبين، وأيضا لـ"إحياء ذكرى جنودنا الذين ماتوا في فرنسا".
ومن جهته، عبر طالب غيني في مدرسة عسكرية، عن شعوره الخاص لمشاركته في الاحتفال، لافتا إلى "متانة الصداقة التي تربط بين فرنسا والدول الأفريقية"، وأشار في هذا الإطار إلى أن "أفريقيا كانت دائما حاضرة من أجل دعم فرنسا".
معركة الأجيال
يفرض هذا التاريخ القاسي المشترك على العديد من الدول الأفريقية والمغاربية النظر إليه برؤية تكاد تكون متشابهة، عنوانها في غالب الأحيان المطالبة بالاعتراف، وهي نظرة تربط في الكثير من الحالات الماضي بالحاضر بأمل بناء مستقبل مشترك أفضل.
فبالنسبة للسفير الغيني في باريس، فهو يشدد على ما لهذه المناسبات من تأثير إيجابي على الفرنسيين من أصول أفريقية حيث "يستحقون أن يعرفوا هذا الماضي".
كما لمح لمحاولات جهات سياسية محسوبة على اليمين المتطرف لمحو هذه الذاكرة، وقال في هذا السياق "الشعبوية تسعى لمحو هذا النوع من هذه الذاكرة ولذلك لهذه المناسبة أهمية كبيرة أيضا". وفضل أن تتوفر الإمكانية لتجاوز أي تعاون عسكري، "كما تفرض الظروف في بعض الحالات"، لحساب "تعاون من أجل السلام"، مشيرا إلى أنه "في كل حرب نفقد 10 سنوات من التنمية".
ومن جانبه، قال العقيد الجزائري عبد الرزاق الصديقي، إنه "من المهم أن يعترف الفرنسيون بالدور الذي كان لنا والتضحيات التي قدمنا خاصة في هذه المنطقة، ليس خلال الحرب العالمية الأولى فقط لكن في الحرب العالمية الثانية أيضا".
وقال وزير الدفاع الفرنسي في تصريح للصحافة الحاضرة في اختتام الاحتفاء، إن هذه المعركة عسكت "الأخوة" التي كانت قائمة بين جميع المحاربين على الجبهة الفرنسية بصرف النظر عن البلدان أو المناطق التي ينتمون إليها، كما اعتبر هذا اليوم هو "لاستحضارالماضي، يوم غني بالمشاعر مع ممثلي البلدان الذين كانوا في هذه المعركة المرعبة والتي أعادت الأمل والثقة أيضا".
بوعلام غبشي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك