كوبا

كوبا تكرم قائدها فيدل كاسترو وتستعد لوداعه في سانتياغو

موفد فرانس 24 إلى كوبا – أقام الكوبيون ليل السبت الأحد في مدينة سانتياغو دي كوبا (شرق) حفلا تأبينيا أخيرا لقائدهم فيدل كاسترو، الذي توفي في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عن 90 عاما، قبل وداعه صباح الأحد ودفن رفاته. وحضر الحفل أساسا قادة جنوب أمريكيون، حاليون وسابقون، وأسطورة كرة القدم دييغو مارادونا.

راؤول كاسترو قال إن فيدل ترك إرثا ثقيلا يجب الحفاظ عليه.
راؤول كاسترو قال إن فيدل ترك إرثا ثقيلا يجب الحفاظ عليه. أ ف ب
إعلان

تسعة أيام بعد وفاته عن عمر ناهز 90 عاما، يستعد الكوبيون لوداع زعيمهم وقائدهم فيدل كاسترو ودفن رفاته الأحد خلال جنازة يتوقع أن تكون مهيبة في مدينة سانتياغو دي كوبا (شرق البلاد).

وقد أقامت السلطات ليل السبت الأحد حفلا تأبينيا أخيرا تكريما لمن يسميه الجميع "فيدل" بـ "ساحة الثورة" أنطونيو ماسيو في هذه المدينة المرتبطة ارتباطا شديدا وثيقا بالثورة الكوبية، والتي انطلقت شرارتها منها في تموز-يوليو 1959 بقيادة "الكوماندانتي".

it

وقبل وصولها إلى سانتياغو، قطع رفات فيدل كاسترو، والذي تم حرق جثته غداة وفاته، مسافة أكثر من 700 كلم بالاتجاه المعاكس للطريق المصيري الذي سلكه القائد في 1959، لتعود إلى مهد الثورة وتعلن استمرارها. وكان الزعيم التاريخي للشعب الكوبي انقلب على نظام الرئيس الديكتاتوري الحاكم آنذاك، فولخينسيو باتيستا، المدعوم من الولايات المتحدة. وكان معه شقيقه راؤول وطبيب أرجنتيني شاب ثائر اسمه "التشي" (إرنيستو) غيفارا.

وحضر الحفل حشدا غفيرا ردد شعار الوفاء لـ "الاشتراكية" ومكافحة الإمبريالية كما كان يردد فيدل خلال خطاباته القياسية. وحضر الحفل أيضا شخصيات سياسية عديدة، أبرزها من قادة جنوب أمريكا مثل رئيسا فنزويلا نيكولاس مادورو وبوليفيا إيفو موراليس.
وحضره أيضا رؤساء سابقون مثل رئيسي البرازيل لولا دا سيلفا وديلما روسيف، وممثلون غربيون مثل وزيرة البيئة الفرنسية سيغولان روايال. كما حضره أسطورة كرة القدم العالمية، الأرجنتيني دييغو مارادونا، الذي قال إنه "فقد والده الثاني".

وتناوب عدة مسؤولين كوبيين على المنصة الرسمية بساحة أنطونيو ماسيو، وأجمعوا بكلمات مقتضبة على مواصلة كفاح كاسترو وسط تصفيقات الحشد الكبير، فيما العلم الكوبي يرفرف في سماء سانتياغو دي كوبا الصافية.

وختم الحفل رئيس البلاد راؤول كاسترو بخطاب يبعد مسافة السماء والأرض عن خطابات فيدل واستمر نحو نصف الساعة، شدد فيه على إرث أخيه الثقيل للشعب الكوبي: "الاشتراكية" (أو الموت كما كان  يردد الزعيم الراحل دائما). وتذكر كثيرون، وهم يستمعون إلى راؤول وهو يخاطب الشعب، شعار رئيس أمريكي صنع تاريخ بلاده عندما أصبح في يوم غير بعيد أول رجل أسود يتولى الرئاسة، شعار ("نعم، نستطيع") يستغرب استحضاره عندما يتعلق الأمر بكوبا.

وظل راؤول يردد أمام حشد سانتياغو دي كوبا "نعم نستطيع.. نعم نستطيع"، وكأنه يثني بشجاعة باراك أوباما، أول رئيس أمريكي يعيد التطبيع مع كوبا ثم يزور عاصمتها هافانا في خطوة دونها التاريخ للأبد. وقال راؤول: "نعم نستطيع أن نصمد ونعيش ونتطور من دون أن ننكر مبادئنا ودون التخلي عن الاشتراكية"، مضيفا: "تلكم هي رسالة فيدل".

وكشف الرئيس الكوبي أنه، وعملا بتوصية أخيه، سيعرض في وقت قريب على البرلمان قانون يمنع تسمية أي شارع أو مكان عام باسم فيدل، ولا تشييد لمنصب يخلده في أي مكان على الأراضي الكوبية.

ولدى وصولنا إلى هافانا مساء الجمعة، لم نتفاجأ بالهدوء السائد في العاصمة الكوبية، وكأن الجميع يستعد بعيدا عن الأضواء لوداع قائد الثورة. ولم نتفاجأ بالخطابات المتكررة في وسائل الإعلام، وكلها تبكي فيدل، وكلها تقول "أنا فيدل"، و"فيدل لن يموت" و"فيدل بيننا للأبد".

لم نتفاجأ من سائق التاكسي الذي أشاد بخصال قائده المتوفى، ولا بعزيمة شعبه على مواصلة الرسالة التي تلقاها إرثا ثقيلا من رجل تحدى 11 رئيسا أمريكيا، وأفلت من مكر جهاز استخبارات (السي آي إي) دبر ضده مئات محاولات الانقلاب، رجل تحدى حصارا اقتصاديا وحشيا وظل وفيا لمبادئه حتى الموت. فهل كان مصيبا أم مخطئا؟

لا شك أن غالبية الشعب الكوبي لا زال يؤمن بكفاح "الكوماندانتي"، وها هي البلاد تستعد لدفن رفاته وتفتح عهدا جديدا في تاريخه. وإلى ذلك الحين، ستستمر القلعة التي تطل على خليج هافانا تهتز كل ساعة على وقع طلقات المدفعية، حتى الإعلان عن نهاية جنازة فيدل. وسينتهي معها حداد استمر تسعة أيام.
 

علاوة مزياني

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24