الظل الروسي يخيم على الأحداث الدولية في 2016
حضرت روسيا خلال العام 2016 بثقلها في أبرز الملفات التي شغلت الرأي العام الدولي، وفي مقدمتها الأزمة السورية والانتخابات الرئاسية الأمريكية. ملخص أحداث عام تحت "السيادة" الروسية.
نشرت في: آخر تحديث:
خيم ظل روسيا على الأحداث الدولية في 2016، وحضر اسمها في أبرز القضايا التي شهدتها الساحة العالمية كالنزاع السوري، الانتخابات الأمريكية وحتى أسعار النفط. وتبدو موسكو الفاعل الأساسي في الكثير من القضايا المرتبطة بالعلاقات الدولية.
في الوقت الحالي، فلاديمير بوتين يجب أن يكون بصدد فتح قوارير الشامبانيا"، يقول جوليان نوسوتي، المختص في الشأن الروسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بباريس، مذكرا بأن روسيا دخلت في "عزلة دولية" بعد ضمها للقرم والنزاع الذي جمعها مع أوكرانيا في 2014. كما أن اقتصادها عانى كثيرا بفعل العقوبات الدولية، والتراجع الكبير في أسعار النفط، علما أنها تعد أحد أهم الدول المنتجة للذهب الأسود من خارج الأوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول).
"فوائد سياسية كبرى"
عرفت روسيا كيف تتحول إلى لاعب أساسي دوليا، خصوصا في الملف السوري حيث أصبحت فيه صاحبة قرار أساسي. وبدأت روسيا بتنفيذ ضربات جوية دعما لنظام بشار الأسد في خريف 2015، لكن دورها العسكري أصبح مهيمنا في 2016.
واعتبر نوسوتي أن دخول روسيا على خط الأزمة السورية هو أيضا استراتيجية منها لتحجب النزاع الدائر في أوكرانيا عن أنظار الرأي العام الدولي، كما أن الأزمة السورية سمحت لها بالعودة القوية إلى الساحة الدولية، وأصبح بإمكانها أن "تتحدث لجميع القوى في الشرق الأوسط، وأظهرت أنها قادرة على حماية الأنظمة الاستبدادية"، تضيف تاتيانا جون المختصة في الشأن الروسي بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
وتقول جون إن "استخدام موسكو بشكل ذكي جدا لمفهوم الحرب على مستوى محدود مع استخدام محدود للقوة كذلك مكنها من جني فوائد سياسية كبرى".
وتعمل روسيا على أن تقدم نفسها كبديل للولايات المتحدة، وهو ما يتطلع له فلاديمير بوتين، باعتبار أن "الشرق الأوسط يحظى بدور فعال في الدبلوماسية الروسية لأنه يتيح لموسكو علاقات مباشرة مع واشنطن"، أي ندا للند، يوضح جوليان نوسوتي.
لكن استراتيجية روسيا ليست على المدى البعيد وإنما هي استغلال للفرص المتاحة. حيث "عرفت كيف تستثمر تملص الأمريكيين من الملف السوري وتعثر الأوروبيين في اتخاذ قرار بهذا الشأن"، يخلص الباحث الفرنسي.
حضور موسكو على الساحة السياسية الأمريكية؟
إضافة إلى دورها الأساسي في الساحة الدبلوماسية، والمفاوضات في مجال الطاقة، ظهرت روسيا أيضا، بشكل أو بآخر، كفاعل في الحياة السياسية الأمريكية 2016.
والشكوك حول دورها، في حملة الانتخابات الرئاسية بل وفي فوز دونالد ترامب، عن طريق القرصنة وحملة مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتعزز يوما بعد يوم.
إن كان الكرملين تدخل فعلا لأجل ترجيح كفة مرشحه، فإن هذا يعتبر "مرحلة جديدة" في القرصنة الروسية، حسب جوليان نوسوتي. قرصنة خوادم الحزب الديمقراطي وتسريب رسائل إلكترونية عبر ويكيليكس من أجل ضرب هيلاري كلينتون، يعتبر "تحول من القرصنة التقليدية لغرض التجسس إلى قرصنة معلومات لأهداف سياسية"، يقول الخبير.
في 2016، قد تكون روسيا أعادت إلى الوجود الطرق القديمة للدعاية المستخدمة في الحقبة السوفياتية، والتي كانت تصنع من معلومات كاذبة تسرب من وسائل إعلام "صديقة".
سواء أكانت هذه الاتهامات الموجهة لموسكو صحيحة أم لا، فهذا لن يؤثر على المكاسب التي تجنيها روسيا من هكذا وضع، حيث "خلقت نوعا من الفوضى في الولايات المتحدة حتى أن الكل يتحدث عن موسكو"، يقول جوليان نوسوتي. أن يلعب الروس دورا سيئا فهذا لا يهم "ما دمنا نتحدث عنهم"، يضيف الخبير الفرنسي.
روسيا تكتسح الساحة السياسية الأوروبية؟
بدأت شكوك تحوم حول الأنشطة الإلكترونية الروسية أوروبيا. ويعتقد أن روسيا قامت بحملة إلكترونية لصالح حركة "خمس نجوم" الإيطالية في الاستفتاء الأخير، والذي أدى إلى استقالة رئيس الحكومة ماتيو رينزي.
وبالنسبة للباحث الفرنسي جوليان نوسوتي، حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017 لن تكون بمنأى عن ذلك. فالدعاية الإلكترونية الروسية يمكن أن تلعب لصالح أحد المقربين منها كمرشح اليمين فرانسوا فيون، أو رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف، مارين لوبان.
دونالد ترامب، بيبي غريللو زعيم حركة "خمس نجوم" الإيطالية أو فرانسوا فيون، رجال سياسة، يعتبرون من المقربين من روسيا، أصواتهم مسموعة في بلدانهم، لكن روسيا لم تعد تثير إعجاب العالم. "الرأي العام أصبح أكثر استقطابا من ذي قبل"، تشير تاتيانا جون، وتضيف أن "الرأي العام عبّر عن الكثير من المخاوف نحو هذا النوع من السياسة التي تعتمد القوة وتجاه تداعياتها".
الشوكة الاقتصادية
لقد أدركت موسكو أن الخلافات القائمة بين دول الأوبك، وما رافق ذلك من انتقادات من قبل الدول الأعضاء لاستراتيجية الأسعار الضعيفة التي فرضت من قبل السعودية منذ سنتين، يمكن أن تلعب لصالحها. واتفاق خفض الإنتاج الذي توصلت إليه الأوبك والدول غير الأعضاء في السابع من ديسمبر/كانون الأول 2016، اعتبر أنه جاء نتيجة مفاوضات بين موسكو والرياض.
لكن روسيا لم تتمكن حتى الآن من انتزاع الشوكة الاقتصادية من قدمها بحكم أن العقوبات المفروضة عليها لا تزال سارية المفعول. ورفعها عنها هي من أهدافها في 2017، يعتقد جوليان نوسوتي. وإذا كانت موسكو عملت فعليا في الخفاء من أجل فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فلقد تم ذلك بهدف استعادة عافيتها الاقتصادية ورفع العقوبات عنها.
وتولي ريكس تليرسون، صاحب شركة إيكسون وصديق فلاديمير بوتين، لوزارة الخارجية الأمريكية، مكسب كبير للدبلوماسية الروسية.
سيباستيان سايبت - بوعلام غبشي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك