العراق يواجه تحدي إعادة اعمار الموصل بعد إعلان "النصر"

إعلان

أربيل (العراق) (أ ف ب) - بعد الإعلان عن تحقيق "النصر المؤزر" على تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل، يبدأ العراق الثلاثاء مواجهة التحديات الهائلة المتمثلة في تأمين وإعادة بناء المدينة التي دمرتها شهور من الحرب.

وتواصل القوات الأمنية العراقية عمليات التمشيط بحثا عن جيوب لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في المدينة القديمة، المركز التاريخي للموصل الذي شهد دمارا كبيرا بفعل المعارك.

واتهمت منظمة العفو الدولية القوات العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بتعريض المدنيين "لاعتداءات غير مشروعة لا هوادة فيها" في غرب الموصل، فيما حذرت منظمات إغاثة من أن الأزمة الإنسانية في البلاد لم تنته بعد.

وتبدو المباني المدمرة والحطام في شوارع المدينة القديمة، كما لو أنها ذابت بفعل حرارة الصيف العراقي الحارق.

وسويت مبان عدة بالأرض وتحولت إلى أكوام من الأنقاض، فيما تبدو على أخرى أثار الطلقات والقذائف، بين أزقة يغطيها الركام والسيارات المحترقة.

وأشارت الأمم المتحدة إلى أن المدينة القديمة واحدة من ست مناطق في غرب الموصل التي "دمرت تماما تقريبا" خلال المعارك.

وأضافت أن هناك مناطق أخرى تعرضت لضرر أقل، لكن التكلفة المبدئية لجهود "الاستقرار" وتوفير الخدمات الأساسية والمسكن والتعليم والأمن، يتجاوز 700 مليون دولار.

وقال المدير المؤقت لمنظمة "ميرسي كوربس" في العراق أرنو كيمين إنه "مع هذا المستوى من الدمار (في الموصل ككل)، من المستبعد جدا أن يعود مئات الآلاف من الأسر النازحة إلى منازلهم في وقت قريب".

ولفتت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة إلى أنه "من المحتمل أن يضطر مئات الآلاف من الناس للبقاء نازحين لفترة قد تستمر لأشهر"، إذ "لا يمتلك العديد منهم شيئا ليعودوا إليه بسبب الدمار الهائل الذي سببه الصراع".

وبحسب الأمم المتحدة، فقد أسفرت معركة الموصل عن نزوح 920 ألف شخص منذ تشرين الأول/أكتوبر، لم يعد منهم إلا نسبة قليلة.

وإضافة إلى تلك التحديات الناجمة عن الأضرار الجسيمة والنزوح، تبرز أيضا الأسباب الكامنة وراء العنف والتي لا تزال من دون معالجة.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين الثلاثاء إنه "لا بدّ من معالجة جذور العنف والصراع في العراق انطلاقا من انتهاكات حقوق الإنسان التي عاناها المجتمع العراقي بكل أطيافه ولعقود طويلة".

-دعوة إلى الحوار-

وشدد الحسين على أنه "لا بد من إطلاق حوار عاجل بين مكونات المجتمع من أجل كسر دائرة العنف وتعزيز المساءلة في الجرائم التي ارتكبت ضد العراقيين".

وساهم غضب السنة العرب بسبب التهميش السياسي لمجتمعهم وإفلات القوات الأمنية العاملة في مناطقهم من العقاب، في تغذية ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي الوقت نفسه، يتهم أعضاء من الغالبية الشيعية في العراق بعض السنة بدعم المقاتلين وعدم دعم الدولة العراقية في مرحلة ما بعد العام 2003، الذي شهد وصول الشيعة إلى الحكم بعد عقود من الحكم السني.

وفي حين كانت مسألة المصالحة هدفا معلنا للحكومة العراقية منذ فترة طويلة، إلا أن جهودها السابقة لم تسفر عن نتائج ملحوظة.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن الاثنين تحقيق "النصر المؤزر" على تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل، معتبرا أن ذلك يمثل "انتهاء وفشل وانهيار دولة الخرافة والإرهاب الداعشي".

لكن منظمة العفو الدولية قالت إن المعركة في غرب الموصل، شنت وحسمت "مهما كان الثمن"، وأسفرت عن "خسائر مروعة في أرواح المدنيين".

وأكدت منظمة العفو استنادا إلى أبحاث اجرتها وإفادات شهود عيان جمعتها ان تنظيم الدولة الاسلامية ارتكب "انتهاكات خطرة للقانون الدولي الانساني" و"جرائم حرب" من بينها خصوصا استخدام المدنيين "دروعا بشرية" وارتكاب "جرائم قتل بدون محاكمات طالت مئات ان لم يكن آلاف الرجال والنساء والاطفال ممن حاولوا الفرار" من المعارك.

في المقابل، اتهمت المنظمة الحقوقية الدولية القوات العراقية والتحالف الدولي الذي يدعمها وتقوده الولايات المتحدة بشن هجمات "غير قانونية" وباستخدام القوة غير المتكافئة في بعض الحالات.

وقد وثقت منظمة العفو الدولية من خلال أبحاثها وتحرياتها 45 هجوما شنتها القوات العراقية والتحالف الدولي، وخلصت إلى أن هذه الهجمات وحدها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 426 مدنيا.

والثلاثاء، واصلت القوات العراقية عمليات التمشيط بحثا عن آخر جيوب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في غرب الموصل.

وقال الفريق الركن سامي العارضي من قوات مكافحة الإرهاب لوكالة فرانس برس إن "ما نقوم به اليوم هو مجرد تمشيط المنطقة وتطهيرها من الخلايا النائمة".

وأضاف أن "هناك جماعات مختبئة في الملاجئ والسراديب وتتم معالجتهم".