نازحون في شمال غرب سوريا يخشون تعطيل روسيا إدخال المساعدات عبر الحدود
إدلب (سوريا) (أ ف ب) –
نشرت في:
قبل أسبوعين، فرّ منّاع محسن مع زوجته وأطفالهما الثمانية من القصف على جنوب إدلب، إلى خيمة وسط حقل زراعي. وبعدما بات بمنأى من الغارات، يخشى أن تفشل الأمم المتحدة الجمعة بتمديد قرار لإدخال مساعدات يحتاجها ملايين السوريين.
وتدقّ منظمات إنسانية دولية وأخرى محلية ناقوس الخطر قبل جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي للتصويت على تمديد تفويض إدخال المساعدات عبر الحدود، الذي ترغب روسيا بتقصير مدته، بعدما استخدمت مع الصين الشهر الماضي حق النقض ضد اقتراح أوروبي بتمديد عمليّة تسليم المساعدات لمدّة عام عبر ثلاث نقاط دخول.
ويقول محسن (65 عاماً)، وهو يضع كوفية على رأسه ويرتدي سترة فوق عباءته البنية اللون لوكالة فرانس برس "نطلب من الأمم المتحدة إيصال الإغاثة إلى الشعب السوري في إدلب"، المحافظة الوحيدة التي لا يزال الجزء الأكبر منها خارج سيطرة دمشق.
يتحدث الرجل بينما يقف قرب خيمته البدائية من بطانيات وشوادر عازلة ثبّتها فوق قوائم خشبية، في حقل زراعي حوّلته الأمطار إلى مستنقع من الطين عند الأطراف الشمالية لمدينة إدلب.
ويضيف بحرقة بعد نزوحه من ريف إدلب الجنوبي الذي يتعرض منذ أسابيع لقصف وغارات كثيفة تشنّها قوات النظام مع حليفتها روسيا "يحاصرنا القصف والطين والجوع"، موضحاً "حالتنا سيئة ومن دون مساعدات.. لا قدرة لنا على البقاء".
وتنتهي الجمعة مدّة التفويض لإدخال المساعدات عبر الحدود والساري المفعول منذ عام 2014، من دون موافقة دمشق. ويستفيد منه أربعة ملايين سوري، غالبيتهم من سكان إدلب ومحيطها.
ويوضح منّاع الذي وضع دراجته النارية داخل الخيمة ووضع عليها مقتنياته "تركنا أرضنا وبيوتنا... ونجلس بين أشجار الزيتون بين الشتاء والطين" لافتاً إلى أنه يدفع بدل إيجار الأرض التي نصب خيمته عليها.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبّب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية، وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وتعرضت محافظة إدلب في الأسابيع الأخيرة لتصعيد في القصف، دفع وفق الأمم المتحدة أكثر من 310 آلاف شخص إلى النزوح من ريف إدلب الجنوبي. ويحتاج هؤلاء إلى مساعدات ملحة بينما يفاقم الشتاء معاناة نزوحهم.
- "وقت حرج" -
وتحذّر منظمات انسانية كبرى من تداعيات إيقاف ايصال المساعدات إلى السوريين الذين استنزفت سنوات الحرب قدراتهم.
واعتبر رئيس لجنة الإنقاذ الدولية دافيد ميليباند في بيان الخميس إن "آخر ما تحتاجه المنطقة هو عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية في مثل هذا الوقت الحرج".
وقبل ثلاثة أسابيع، نزحت طبيبة الأطفال لبنى سعد مع عائلتها من مدينة معرة النعمان جراء القصف الكثيف الذي جعل المدينة شبه خالية من سكانها.
تسهب لبنى في الحديث عن معاناة النازحين جراء البرد والقلق لا سيما الأطفال الذين تعاينهم، مشيرة الى وفاة خمسة أطفال خلال ثلاثة أيام مؤخراً.
ولا تتردّد في دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "زيارة محافظة إدلب وتلمّس معاناة" الأطفال والنساء مشددة على أن "الكارثة أكبر بكثير من أن توصف بكلمات" بينما استجابة المجتمع الدولي خجولة.
خلال مؤتمر صحافي عقد في المخيم قرب مدينة إدلب الثلاثاء، طالب ممثلو منظمات إنسانية محلية المجتمع الدولي بمواصلة إرسال المساعدات الملحة.
وقال مدير منظمة "بنفسج" قتيبة السيد عيسى "لدينا حالياً في إدلب أكبر كارثة إنسانية منذ قرابة تسع سنوات"، لافتاً إلى أن استجابة المجتمع الدولي تغطي ستين في المئة من الاحتياجات فقط.
- مواجهة روسية غربية-
ويُتوقع أن يشهد مجلس الأمن اليوم مواجهة جديدة بين الدول الغربية وروسيا التي طرحت على طاولة المجلس اقتراحاً مضاداً، يتضمن إدخال المساعدات عبر نقطتين فقط مع تركيا بدل ثلاث ولمدة ستة أشهر حصراً بدلا من عام.
ويقول دبلوماسيون إن روسيا، الداعمة الرئيسية للنظام السوري، "في موقع قوّة" وتعتبر أنّ التفويض عبر الحدود "هجوم على السيادة، وهذا واقع".
ويخشى مسؤولو المنظمات الانسانية المحلية، في حال عدم التصويت على تمديد التفويض، من أن تتقلّص عملية إدخال المساعدات إلى مناطق الشمال السوري، رغم اصرارهم على مواصلة عملهم ضمن الإمكانات المتاحة، في وقت ستحتاج الأمم المتحدة إلى موافقة دمشق لإدخال المساعدات.
وحذّر زاهر سحلول، مدير منظمة مادغلوبال التي تُعنى بتقديم خدمات صحية، من أن الفشل في تجديد قرار التفويض في مجلس الأمن، يعني أن ملايين المقيمين في إدلب "سيصبحون تحت رحمة النظام".
© 2020 AFP