العراق: مظاهرة حاشدة ضد الوجود الأمريكي والصدر يدعو إلى إلغاء الاتفاقات الأمنية
نشرت في:
شدد الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر على ضرورة رحيل القوات الأجنبية من الأراضي العراقية وإلغاء الاتفاقيات الأمنية الموقعة مع الولايات المتحدة، وإلا سيتم التعامل معها على أساس أنها دولة محتلة. خطاب الزعيم الشيعي ألقاه ممثله أمام مظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف في وسط بغداد دعا إليها التيار الصدري للمطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق.
شارك الآلاف من مؤيدي الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الجمعة في مظاهرة للمطالبة بطرد القوات الأمريكية من بغداد. وتلا ممثل عن الصدر على منبر نصب في موقع المظاهرة، بيانا من رجل الدين البارز، دعا فيه جميع القوات الأجنبية إلى مغادرة العراق وإلغاء الاتفاقيات الأمنية العراقية مع الولايات المتحدة وإغلاق المجال الجوي العراقي أمام الطائرات العسكرية والمسيّرة الأمريكية.
وطالب البيان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم التعامل بـ"فوقية واستعلاء وعنجهية" عند مخاطبته المسؤولين العراقيين. وأضاف: "إذا تم تنفيذ ما ورد أعلاه، فسيكون تعاملنا على أساس أنها دولة غير محتلة، وإلا فهي دولة معادية للعراق".
وأطلق بعض المشاركين في المظاهرة هتافات "اخرج اخرج يا محتل" و"نعم نعم للسيادة". وكان قد تجمع الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من كل الأعمار في حي الجادرية بشرق بغداد منذ ساعات الصباح الأولى، بالرغم من الطقس البارد.
وقبل عشرة أيام قال الصدر في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر إن "سماء العراق وأرضه وسيادته تنتهك من قبل القوات الغازية". ودعا في تغريدته "إلى ثورة عراقية لا شرقية ولا غربية إلى مظاهرة مليونية سلمية موحدة تندد بالوجود الأمريكي وبانتهاكاته".
ويشهد العراق منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حركة احتجاجات مطلبية، تراجعت في الآونة الأخيرة بعدما اغتالت الولايات المتحدة بطائرة مسيّرة مطلع يناير/كانون الثاني الحالي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس قرب بغداد، ما أثار موجة غضب لدى فئات واسعة من العراقيين.
تخوف
وحظيت دعوة الصدر التي جاءت بعد تصويت في البرلمان العراقي على تفويض الحكومة بإنهاء تواجد القوات الأجنبية في البلاد، بتأييد واسع من الفصائل الشيعية المقربة من إيران والتي تتهم بالوقوف وراء بعض أعمال العنف ضد المتظاهرين الذين يتجمعون في ساحة التحرير المركزية، ما يثير مخاوف من اشتباك بين الطرفين.
ولكن الجدير بالذكر، أن الصدر كان قد أعطى أنصارَه حرية المشاركة في المظاهرات المناهضة للفساد، كما طلب من أنصاره حماية المتظاهرين من مجموعات مسلحة متهمة بتنفيذ عمليات اغتيال وخطف ضد ناشطين.
لكن أحد الناشطين قال لوكالة الأنباء الفرنسية ليل الخميس إن "الصدر لا يمثلنا".
وسعى المتظاهرون المطلبيون إلى استعادة الزخم وتشديد الضغط على السلطات، وشرعوا منذ مطلع الأسبوع في قطع الطرقات في العاصمة ومدن جنوبية.
وكان هؤلاء قد أبدوا قلقا كبيرا من دعوة الصدر، وتخوفوا من أن تكون قريبة من ساحة التحرير.
وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها المظاهرات في أنحاء البلاد عن مقتل نحو 470 شخصا غالبيتهم من المحتجين، وإصابة أكثر من 25 ألفا بجروح، بحسب حصيلة أعدتها وكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى مسعفين ومصادر أمنية ومفوضية حقوق الإنسان العراقية.
ضد واشنطن وطهران؟
ولخص المتحدث باسم الصدر مظاهرة الجمعة بمطلبين، هما خروج القوات الاجنبية وضرب الفاسدين.
وأوضح صلاح العبيدي في مقابلة أجراها مساء الأربعاء مع قناة العراقية الرسمية إن "هناك أطرافا يمثلون ثوار تشرين يعتقدون أن إيران فقط هي المسؤولة عن الخراب في العراق، وأطراف أخرى يمثلها الحشد أو أنصاره يقولون أمريكا السبب في الخراب". وأضاف "نحن نعتقد أن الاثنين معا هم وراء الخراب، ويحاول السيد أن يوائم بين الطرفين".
وشهد وسط بغداد الجمعة إغلاقا لطرقات رئيسية عدة وانتشارا كثيفا للقوات الأمنية.
وتحدث الشارع عن سيناريوهات عدة. وأعرب كثيرون عن قلقهم من أن ينجر المتظاهرون إلى السفارة الأمريكية، وتكرار المسلسل نفسه الذي حصل الشهر الماضي وأطلق شرارة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وجعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات.
من جهة أخرى، أصدرت الفصائل الشيعية المتشددة مثل حركة النجباء وكتائب حزب الله العراقي، تهديدات شديدة اللهجة تجاه رئيس الجمهورية برهم صالح، تعليقا على لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الأربعاء.
دوافع محلية
وقدم أحد مستشاري صالح، وينتمي إلى حركة عصائب أهل الحق، استقالته من منصبه اعتراضا على اللقاء أيضا. لذا، كان البعض يتخوف أيضا من أن تتجه المظاهرات إلى قصر السلام الرئاسي.
لكن الصدر أعلن قبل ليلة عبر المقربين منه عن دعمه لرئيس الجمهورية، واصفا إياه بـ"حامي الدستور".
وقال الخبير بالشأن العراقي في مركز كارنيغي حارث حسن لوكالة الأنباء الفرنسية إن الصدر كان يحاول الحفاظ على "هوياته المتعددة" من خلال دعم احتجاجات مختلفة. واعتبر حسن أنه "من ناحية، يسعى إلى وضع نفسه كزعيم لحركة إصلاحية، كشعبوي ومناهض للمؤسسة".
وأضاف "من ناحية أخرى، يريد أيضا الحفاظ على صورته كزعيم لمقاومة "الاحتلال الأمريكي"، جزئياً لكسب تأييد إيران.
لكن قد يكون للصدر دوافع محلية، بحسب حسن. وأشار الخبير السياسي إلى أن "هذا الاحتجاج، سيظهر أن الصدر ما زال قادرا على تعبئة مجموعات كبيرة من الناس في الشوارع، لكن من المحتمل أيضاً أنه يريد من المجموعات الأخرى أن ترد من خلال منحه مساحة أكبر لاختيار رئيس الوزراء".
فرانس24/ رويترز
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك