الجزائر: الحراك يلتزم بتوحيد صفوفه في مواجهة "الاستبداد"

أعلنت أحزاب سياسية وتنظيمات مدنية ونقابية السبت التزامها بتوحيد صفوف حركة الاحتجاج الشعبي في الجزائر الرافضة للنظام، الذي تتهمه بتنصيب رئيسا مقربا من الرئيس المعزول بوتفليقة. وبدأ الرئيس الجزائري المنتخب عبد المجيد تبون الذي يحاول إرضاء معارضيه، مشاورات مع شخصيات سياسية، يعتبر بعضها قريبا من الحراك، من أجل وضع "دستور توافقي" وعرضه لاستفتاء شعبي.

متظاهرون يلتفون بالأعلام الوطنية في الجزائر العاصمة، الجزائر ، 24 يناير/ كانون الثاني 2020.
متظاهرون يلتفون بالأعلام الوطنية في الجزائر العاصمة، الجزائر ، 24 يناير/ كانون الثاني 2020. © رويترز / رمزي بودينا
إعلان

مر نحو العام على انطلاق الحراك الجزائري الذي أسفر عن سقوط عبد العزيز بوتفليقة وانتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للبلاد، ولكن الأحزاب السياسية والتنظيمات المدنية والنقابية لا تزال ملتزمة بتوحيد صفوف الحركة الاحتجاجية الشعبية في البلاد، وفقا لما أعلنته السبت. وأضافت الأحزاب السياسية أن هدفها هو التحدث بصوت واحد في مواجهة نظام تتهمه بـ"الاستبداد" وتعتبر أنه منح نفسه رئيسا جديدا من صفوفه. 

للمزيد- الجزائر: ما هي أهداف الحراك المتواصل رغم انتخاب رئيس جديد؟

واختتم تحالف المعارضة المنضوي تحت مظلة "ميثاق البديل الديمقراطي والسيادة الشعبية"، أشغال جلساته التي حضرها نحو 200 مشارك، بحسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.

وناقش المجتمعون الوضع السياسي في البلاد، بعد الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ديسمبر التي رفضها الحراك بشكل واسع، لكنها أفضت إلى فوز عبد المجيد تبون وتشكيل حكومة جديدة.

وتشكّل "ميثاق البديل الديمقراطي" بعد رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في نيسان/أبريل الماضي، الذي أُجبر على الاستقالة تحت ضغط الحركة الاحتجاجية الشعبية. ويهدف إلى إيجاد إطار قانوني لتغيير "النظام" الحاكم منذ استقلال البلاد في عام 1962، لا سيما من خلال إنشاء المؤسسات الانتقالية.

ويضم أحزاب "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"العمال"، إلى جانب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة "تجمع عمل شباب" التي يقبع رئيسها حاليا في السجن.

بناء دولة قانون وطي صفحة "الديكتاتورية العسكرية"

وقال محسن بلعباي رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في افتتاح الأشغال إن الحراك الذي بدأ في 22 شباط/فبراير "وضع أُسُسا صلبة لبناء دولة القانون ومجتمع تقدمي كي يطوي صفحة الدكتاتورية العسكرية بصفة نهائية".

وجاء في "أرضية لتتويج المسار الديمقراطي للثورة" التي تمت المصادقة عليها في نهاية الأشغال بتعديلات شكلية عن المشروع الأولي أن المجتمعين يطالبون بـ"فترة انتقالية ديمقراطية قادرة على تلبية التطلعات المشروعة للشعب الجزائري".

وجاء في نص الأرضية أيضا "تعمل قوى البديل الديمقراطي على عقد مؤتمر وطني مستقل عن النظام، سيجمع كل القوى الناشطة في المجتمع الملتزمة بتحقيق المطالب الديمقراطية التي عبر عنها الشعب منذ 22 (شباط) فبراير والذين رفضوا انقلاب 12 (كانون الأول) ديسمبر ويرفضون تجديد الاستبداد".

تبون يبدأ مشاورات

وردا على موجة الاحتجاج، عرض الرئيس تبون (74 عاما)، الذي كان بين المقرّبين من بوتفليقة، الحوار على الحراك مباشرة بعد استلام مهامه. وتعهّد بتعديل الدستور وأُنشئت لجنة خبراء لهذا الغرض.

للمزيد- الجزائر: قطع الإنترنت وحجب المواقع خلال المظاهرات في 2019 كلف الاقتصاد "ثمنا باهظا"

وبدأ الرئيس الجزائري، الذي يحاول إرضاء معارضيه، مشاورات مع شخصيات سياسية، يعتبر بعضها قريبا من الحراك، من أجل وضع "دستور توافقي" وعرضه لاستفتاء شعبي.

وقال تبون "سيتم أخذ كل الآراء في الاعتبار في ما يتعلق بالمنهجية الواجب اتباعها، وأيضا المشكلات التي تعاني منها البلاد".

ومقابل هذا الاقتراح دعا نائب رئيس رابطة حقوق الإنسان سعيد صالحي إلى "استرجاع زمام المبادرة السياسية بحيث نكسر أجندة السلطة التي تعمل في غير صالحنا".

وتابع "بعد شهر سنحيي الذكرى الأولى للثورة. واليوم الشارع يمثل ميزان قوة (في مواجهة السلطة) لكن هذا غير كاف، علينا المبادرة".

الإفراج عن 94 سجينا

وفي إجراء تهدئة تجاه الحراك، تم الإفراج عن 94 سجينا خلال الأسابيع الماضية، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين التي ذكرت أن 124 معارضا لا يزالون في السجن.

وتمت قراءة لائحة مساندة "لللمعتقلين السياسيين" خلال أشغال الجلسات طالبت بـ"إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي دون قيد أو شرط" مع "رفض أي تجريم للعمل السياسي".

ومع اقتراب الذكرى الأولى للحراك في 22 شباط/فبراير، لا تزال التعبئة كبيرة الجمعة والثلاثاء من كل أسبوع في العاصمة وفي مدن أخرى رغم تراجع زخمها مقارنة مع المسيرات الحاشدة التي خرجت في ربيع 2019 أو حتى بالمقارنة مع الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية.

للمزيد- الجزائر: بوادر تهدئة مع الحراك؟

وحتى داخل الحراك، يتساءل الكثيرون عن الاتجاه الذي يجب أن تتخذه هذه الحركة الاحتجاجية السلمية والتعددية، في ظل غياب أي تنظيم رسمي لها.

وبالنسبة لأستاذة العلوم السياسية بجامعة الجزائر لويزة آيت حمادوش "بدأ الحراك كحركة احتجاجية بحتة. وبعد عام، يبدو أنه يتعين عليه الانتقال من الاحتجاج إلى الاقتراح".

وأضافت لوكالة الأنباء الفرنسية أن على أي تحالفات أو مجموعات للمعارضة أن تعمل بشكل مشترك "من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي وتغيير عميق لنظام الحكم".

"ثورة سلمية"

واعتبر أستاذ القانون في جامعة "تيزي وزو" عبد القادر كشير أن "هذه المبادرات لا تهدف إلى هيكلة الحراك، ولكنها كلها تشترك في أنها ثورة سلمية تهدف إلى تغيير النظام".

وبالإضافة إلى "جلسات البديل الديمقراطي" أطلقت مجموعة من المثقفين مبادرة من أجل  تنظيم "مؤتمر وطني موحد" للحراك.

ويهدف الموقعون على هذه المبادرة وعددهم 120 (بينهم أكاديميون ومحامون وصحافيون وطلاب) إلى "دمج جميع مبادرات" المنظمات القريبة من الحراك.

وبالنسبة لآيت حمادوش، فإن "هذه القوى الناشئة اليوم هي بذور الأحزاب والنقابات ومنظمات الغد. ومن الطبيعي والمفيد أن يسمح الحراك بميلاد طبقة سياسية جديدة".

 

فرانس24/ أ ف ب

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24