تصعيد عسكري متواصل في محافظة إدلب السورية

بيروت (أ ف ب) –

إعلان

تشهد محافظة إدلب السورية منذ تسعة أشهر تصعيداً عسكرياً متقطعاً لقوات النظام وحليفتها روسيا يتمثل في هجمات ميدانية وقصف عنيف يتمحور بشكل أساسي حول الطريق الدولي الذي يصل حلب بالعاصمة دمشق.

وإثر هجوم جديد بدأته في كانون الأول/ديسمبر الماضي، تمكنت قوات النظام السوري السبت من السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية في جنوب شرق محافظة إدلب.

وباتت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى أقل نفوذاً تسيطر اليوم على 52 في المئة من المحافظة، التي تُعد آخر معاقل الفصائل المعارضة في سوريا.

- هجوم واسع -

في شباط/فبراير العام 2019، بدأت قوات النظام تصعّد وتيرة قصفها للمنطقة خصوصاً ريف إدلب الجنوبي والمناطق المحاذية قبل أن تنضم الطائرات الروسية لها لاحقاً.

وبلغ التصعيد العسكري أوجه في نهاية نيسان/أبريل مع مقتل 15 مدنياً في الـ26 والـ27 من الشهر جراء قصف جوي روسي، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ودعت واشنطن موسكو لوضع حد "للتصعيد".

وفي 17 أيار/مايو، اتهمت منظمة العفو الدولية النظام السوري بشن "هجوم متعمد ومنهجي" على المستشفيات والمنشآت الطبية.

بين 28 و29 أيار/مايو، قتل أكثر من أربعين مدنياً في محافظتي إدلب وحلب. في 15 حزيران/يونيو، قضى 45 شخصاً على الأقل بينهم عشرة مدنيين في غارات ومعارك.

في الثالث من حزيران/يونيو، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات النظام وروسيا باستخدام "أسلحة محظورة دولياً، وغيرها من الأسلحة العشوائية في هجمات غير مشروعة على المدنيين".

في 22 تموز/يوليو، قتل 50 شخصاً على الأقل، غالبيتهم في غارات روسية استهدفت سوقاً ومحيطه في مدينة معرة النعمان.

واستمرت الوتيرة نفسها ليسفر القصف عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين والمقاتلين بشكل شبه يومي، فيما كانت الفصائل تردّ باستهداف مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، موقعة عشرات القتلى أيضاً.

وتزامن ذلك مع تقدم لقوات النظام التي سيطرت في 21 آب/أغسطس على مدينة خان شيخون، الواقعة على الطريق الدولي، في جنوب إدلب.

وفي 31 آب/أغسطس، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية تركيا وروسيا حيز التنفيذ.

وأسفر الهجوم بين نيسان/أبريل وآب/أغسطس عن مقتل حوالى ألف مدني، وفق المرصد السوري، كما دفع بـ400 ألف شخص للفرار بحسب الأمم المتحدة.

- زيارة الأسد -

شهدت المحافظة هدوءاً نسبياً، من دون أن تتوقف خروقات وقف إطلاق النار.

وفي الـ19 من أيلول/سبتمبر، استخدمت روسيا والصين حقّ النقض لمنع صدور قرار عن مجلس الأمن يفرض "وقفاً فورياً لإطلاق النار" في محافظة إدلب.

وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر، قام الرئيس بشار الأسد بأول زيارة له إلى محافظة إدلب منذ اندلاع النزاع في العام 2011. وأكد أن معركة إدلب هي "الأساس" لحسم الحرب في سوريا.

- هجوم جديد -

في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، عادت الاشتباكات إلى جنوب إدلب وتصاعدت تدريجياً.

ومنذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، صعّدت قوات النظام بدعم من الطيران الروسي قصفها تزامناً مع معارك على الأرض تركزت بشكل أساسي في محيط مدينة معرة النعمان.

وخلال أسبوعين فقط، وثق المرصد السوري مقتل 80 مدنياً على الأقل جراء القصف الجوي.

وبعد أسابيع من القصف العنيف، أعلنت روسيا في التاسع من كانون الثاني/ديسمبر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أكدته تركيا لاحقاً، إلا أنه لم يستمر سوى لبضعة أيام.

وفي الـ15 من كانون الثاني/يناير 2020، قتل 19 مدنياً جراء غارات شنّتها قوات النظام على مدينة إدلب.

ومع استمرار سقوط القتلى المدنيين، اعتبر الاتحاد الأوروبي في الـ23 من كانون الثاني/يناير أن استئناف الهجوم في إدلب "غير مقبول" وطالب بوقف الضربات الجوية.

وتزامن ذلك مع اقتراب قوات النظام أكثر وأكثر من مدينة معرة النعمان، التي أعلن الجيش السوري السيطرة عليها في 29 كانون الثاني/يناير.

- توتر مع تركيا -

في الثالث من شباط/فبراير، أعلنت أنقرة مقتل ستة من جنودها بالإضافة إلى ثلاثة مدنيين أتراك يعملون لصالحها، جراء قصف مدفعي شنته قوات النظام ضد قواتها المتمركزة في محافظة إدلب.

وردّت أنقرة سريعاً عبر استهداف مواقع للجيش السوري، ما أسفر عن مقتل 13 عنصراً من قوات النظام، بحسب المرصد.

وفي الـ5 من شباط/فبراير، أمهل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان دمشق حتى نهاية شباط/فبراير لسحب قواتها من محيط نقاط المراقبة التركية، والتي باتت ثلاثة منها محاصرة من أصل 12 تنتشر في منطقة إدلب.

واصلت قوات النظام تقدمها.

وفي السابع من شباط/فبراير، أفاد المرصد أن قوات النظام باتت تسيطر على كامل الطريق الدولي الـ"إم 5" في محافظة إدلب، ولا يزال هناك 30 كيلومتراً منه خارج سيطرتها، تمر في ريف حلب الجنوبي الغربي.

وفي الثامن من شباط/فبراير، أعلن التلفزيون الرسمي السوري سيطرة الجيش على مدينة سراقب، التي يتقاطع فيها طريق "إم 5" مع طريق دولي آخر يصل محافظات حلب وإدلب واللاذقية.

ودفع التصعيد منذ كانون الأول/ديسمبر، وفق الأمم المتحدة، بـ586 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة إلى مناطق أكثر أمناً شمالاً. كما وثق المرصد مقتل أكثر من 300 مدني.