تحالف السعودية في اليمن يوقف إطلاق النار لاسبوعين على خلفية فيروس كورونا

الرياض (أ ف ب) –

إعلان

فتح التحالف بقيادة الرياض في اليمن مساء الأربعاء نافذة لإحلال السلام في البلد الغارق في الحرب بإعلانه وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد للتركيز على مكافحة فيروس كورونا وتهيئة الظروف لبدء محادثات مع المتمرّدين الحوثيين لإنهاء النزاع.

وقال التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إنّه "يعلن عن وقف إطلاق نار شامل في اليمن لمدة أسبوعين اعتباراً من يوم الخميس" في الساعة 12 ظهراً بالتوقيت المحلي (09,00 ت غ)، مشيراً إلى أنّ مدة الهدنة "قابلة للتمديد".

وكان مسؤول سعودي قال لوكالة فرانس برس في وقت سابق الأربعاء "نعلن وقف إطلاق نار بدءاً من يوم غد (الخميس) ولمدة اسبوعين. نتوقع أن يوافق (المتمردون) الحوثيون. نحن نعدّ الأرضية لمحاربة فيروس كورونا المستجدّ في اليمن" حيث لم تسجّل أي إصابة بعد.

ولم يصدر أيّ ردّ فعل فوري عن المتمردين.

وإذ لفت المسؤول السعودي إلى أنّ وقف إطلاق النار "قد يتم تمديده في حال رد الحوثيون بطريقة إيجابية"، شدّد في الوقت ذاته على أنّ التحالف "يملك حقّ الدفاع عن نفسه إذا تعرّض لاعتداء" خلال فترة إطلاق النار.

ويشهد اليمن نزاعا مسلّحا على السلطة منذ 2014 حين سيطر المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء وانطلقوا نحو مناطق أخرى، قبل أن تتصاعد حدّة المعارك مع تدخّل السعودية على رأس التحالف في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.

وقُتل في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية منذ بدء عمليات التحالف آلاف المدنيين، فيما انهار قطاعها الصحي، وسط معاناة من نقص حاد في الأدوية، ومن انتشار أمراض وأوبئة كالكوليرا الذي تسبّب بوفاة المئات، في وقت يعيش فيه ملايين السكان على حافّة المجاعة.

ويعيش أكثر من 3,3 ملايين نازح في مدارس ومخيّمات تتفشى فيها الأمراض بفعل شحّ المياه النظيفة.

ولم تُسجّل في اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، أي إصابة بعد بكوفيد-19 الذي أصاب نحو 10 آلاف شخص في دول الخليج القريبة الستّ، وفقاً لمنظّمة الصحة العالمية، لكن هناك خشية كبرى من أن يتسبّب الوباء في حال بلوغه البلد الفقير بكارثة إنسانية.

- الفرصة مهيّأة -

وكان مبعوث الامم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أعلن قبل اسبوع عن إجراء محادثات منفصلة مع أطراف النزاع للتوصّل إلى هدنة والتركيز على مكافحة فيروس كورونا في أعقاب دعوة من قبل الأمين العام للامم المتحدة لوقف القتال في أماكن النزاعات.

لكن الدعوة جاءت في ظل تصاعد لأعمال العنف مع محاولة الحوثيين التقدم نحو مناطق جديدة.

وأكّد فريق غريفيث لوكالة فرانس برس الأربعاء أنّ وقف إطلاق النار الذي أعلنه التحالف ليس وليد اتّفاق.

وقال أحد أعضاء الفريق لفرانس برس "من جهتنا، يواصل المبعوث الخاص التوسّط بين الأطراف للوصول إلى اتفاق حول وقف إطلاق نار كامل في أقرب وقت. لكن لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق بعد".

وفي بيانه قال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي إنّ وقف إطلاق النار يفتح نافذة أمل أمام سلام دائم.

وأوضح أنّ الهدنة تهدف إلى "تهيئة الظروف الملائمة (...) لعقد اجتماع بين الحكومة الشرعية والحوثيين وفريق عسكري من التحالف تحت إشراف المبعوث الأممي".

وأضاف أنّ الاجتماع في حال انعقاده سيبحث "مقترحات (غريفيث) بشأن خطوات وآليات تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل دائم في اليمن، وخطوات بناء الثقة الإنسانية والاقتصادية، واستئناف العملية السياسية بين الأطراف اليمنية للوصول إلى مشاورات بين الأشقاء اليمنيين للتوصل إلى حلّ سياسي شامل في اليمن".

وتابع أن قيادة التحالف "تجد الفرصة مهيأة لتضافر كافة الجهود للتوصل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في اليمن (...) وإلى حل سياسي شامل وعادل يتفق عليه اليمنيون".

- "رؤية" المتمردين -

من جهتهم، أعلن المتمردون في وثيقة قالوا إنّهم أرسلوها إلى غريفيث عن "رؤيتهم" للسلام الشامل في اليمن. وجاء في الوثيقة التي نشرتها قناة "المسيرة" المتحدثة باسم المتمردين انه يجب "إنهاء التواجد الأجنبي في جميع أراضي الجمهورية اليمنية وإنهاء أي تواجد عسكري يمني في الأراضي السعودية"، وكذلك إنهاء الحظر الجوي والبري والبحري المفروض من قبل التحالف.

وطالب المتمردون التحالف بفتح "اعتماد مستندي لصرف الرواتب لمدة 10 سنوات قادمة حتى تعافي الاقتصاد اليمني"، وتعويض من خسر منزله وأفرادا من عائلته في ضربات جوية، إلى جانب الافراج عن كافة الأسرى.

وذكروا أنّ الاتفاق المحتمل هو بين قيادتهم السياسية ودول التحالف، على أن يدعو غريفيث إلى مفاوضات بعد تقديم كل طرف نظرتهم لعملية السلام، قبل أن تعرض نتائج هذه المفاوضات على استفتاء عام في اليمن.

وسبق أن توصّل المتمرّدون والتحالف والقوات الحكومية إلى وقف لإطلاق النار أكثر من مرة لكنّ هذه الهدنات انهارت في كل مرة مع اندلاع مواجهات.

وتوقعت الرياض انتصاراً سريعاً عندما قرّرت التدخل في اليمن على رأس التحالف في 2015 لقتال المتمردين الحوثيين، في إطار سياسة خارجية حازمة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ولكنّ الحرب كشفت عن حدود قدرات السعودية العسكرية، إذ عجزت الرياض حتى الآن عن اقتلاع المتمردين من مراكز قوتهم في شمال البلاد.

وتبدو المملكة وحيدة إلى حدّ كبير بعدما قامت حليفتها الإقليمية الرئيسية الإمارات في 2019 بخفض وجودها العسكري في اليمن، في خطوة قال مراقبون إنّها تهدف إلى الحدّ من خسائرها.

ويتجدّد الحديث عن السلام في وقت تحاول فيه السعودية وقف انتشار فيروس كورونا المستجدّ في أراضيها بعدما تسبّب الوباء بوفاة 41 وإصابة 2932، بالتزامن مع إجراءات صارمة قد تعود بالضرر على اقتصادها وبينها تعليق العمرة، وفي وقت تنهار فيه أسعار النفط مصدر الإيرادات الرئيسي في المملكة.