العراق: البرلمان يصادق على حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي

صادق البرلمان العراقي الأربعاء على حكومة جديدة بقيادة رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي. وأدى الكاظمي اليمين الدستورية مع وزرائه في البرلمان. وأمام رئيس الوزراء الجديد تحديات كثيرة أبرزها الوضع الاقتصادي المتردي، وانخفاض إيرادات النفط وتصدع الطبقة السياسية في البلاد إضافة إلى علاقات دبلوماسية في أدنى مستوياتها. ورحبت الولايات المتحدة بالحكومة الجديدة كما مددت إعفاء بغداد من العقوبات على طهران.

رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي يلتقي برئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي قبل التصويت على الحكومة الجديدة في مقر البرلمان ببغداد، العراق، 6 مايو/أيار 2020.
رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي يلتقي برئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي قبل التصويت على الحكومة الجديدة في مقر البرلمان ببغداد، العراق، 6 مايو/أيار 2020. © رويترز
إعلان

صوت البرلمان العراقي الأربعاء على حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، بعد خمسة أشهر من الشغور تولت خلاله حكومة تصريف أعمال شؤون البلاد. وسترث الحكومة الجديدة اقتصادا مأزوما وعلاقات دبلوماسية في أدنى مستوياتها، وخطر تجدد الاحتجاجات الشعبية في مواجهة سياسة تقشف لا مفر منها.

تحديات

 وأمام نواب يرتدون كمامات وقفازات في زمن جائحة كوفيد-19، أدى رئيس جهاز المخابرات السابق مصطفى الكاظمي (53 عاما)، الذي يملك علاقات مع واشنطن كما طهران، اليمين الدستورية مع وزرائه.

واعتبارا من صباح الخميس، سيتعين على الحكومة الجديدة العمل على طمأنة العراقيين الذين يرزحون بين البطالة التي أنتجها الحجر الصحي والحظر الكامل، وإيرادات النفط التي انخفضت بمعدل خمسة أضعاف خلال عام واحد، ومقترح بغداد بطباعة العملة، ما يثير مخاوف من أن تفقد قيمتها.

وستحاول أيضا إعادة التواصل مع الطبقة السياسية الأكثر انقساما في عراق ما بعد صدام حسين.

 ومن خلال تغيير الحكومة، قبل انتهاء ولايتها للمرة الأولى من الغزو الأمريكي في العام 2003، تريد بغداد قلب صفحة عهد عادل عبد المهدي التي استمرت لعام ونصف العام.

الولايات المتحدة ترحب

ورحب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مساء الأربعاء بتشكيل الحكومة الجديدة في العراق، ومدد مهلة الإعفاء الممنوح لبغداد من العقوبات المفروضة على طهران والذي يتيح لها الاستمرار في استيراد الغاز والكهرباء من إيران.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية إن بومبيو أبلغ الكاظمي خلال مكالمة هاتفية أنه لمدة 120 يوما لن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على العراق لاستيراده الغاز والكهرباء من الجمهورية الإسلامية، مشيرا إلى أن هذه البادرة هدفها "إظهار رغبتنا في المساعدة في توفير الظروف الملائمة لنجاح" الحكومة العراقية الجديدة.

بين واشنطن وطهران 

وكان من المفترض أن يكون عبد المهدي (77 عاما)، المستقل الذي لا يملك قاعدة حزبية أو شعبية رجل الإجماع الذي يتفرغ إلى إعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بين عامي 2014 و2017.

لكنه أصبح في كانون الأول/ديسمبر 2019، أول رئيس حكومة يترك منصبه قبل نهاية ولايته، في عراق ما بعد العام 2003، واستقال تحت ضغط المتظاهرين المناهضين لحكومته بعد مقتل أكثر من 400 منهم خلال شهرين.

 وكان الكاظمي ثالث محاولة لاستبدال عادل عبد المهدي وإخراج البلاد من مرحلة ركود سياسي عمقتها بوادر أزمة اقتصادية في ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة أوبك، بعد محاولتين فاشلتين مع محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي.

والكاظمي ليس شخصية جديدة مطروحة على طاولة السياسة العراقية. فقد كان اسم رئيس جهاز المخابرات العراقي واردا منذ استقالة حكومة عبد المهدي في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وحتى قبل ذلك بديلا لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في 2018.

لكن عوامل عدة حالت حينها دون نيله التوافق، خصوصا مع وصفه من بعض الأطراف الشيعية على أنه "رجل الولايات المتحدة" في العراق.

ويملك الكاظمي ثلاث ركائز قوة في العراق، وهي علاقة متينة مع الولايات المتحدة، عززها في التعاون خلال مرحلة قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" وصولا إلى القضاء على زعيمه أبو بكر البغدادي.

أما الثانية فهي بث الروح وتجديد خط التواصل مع إيران التي استثمرت ذلك بوضع ثقتها في الكاظمي كشخصية قادرة على نزع فتيل الأزمة في البلاد.

 والركيزة الثالثة هي علاقة أكثر من جيدة مع الجارة السعودية، خصوصا وأن هناك علاقة صداقة تربط الكاظمي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحسب مصادر سياسية.

  لكن ذلك لا يعني أن التحديات التي واجهت أسلافه لن تتواصل. فلا يزال الكاظمي أمام عقبة المطالبة بالانسحاب الأمريكي من البلاد، ومواجهة أزمة وباء كوفيد-19، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط بخمسة أضعاف خلال عام.

إرث ثقيل 

وسيتعين عليه إعادة التفاوض بشأن الإعفاءات الأمريكية التي تسمح للعراق بشراء الطاقة الإيرانية مع تجنب عقوبات واشنطن.

 وفي كانون الثاني/يناير الماضي، كادت الولايات المتحدة أن تدخل العراق في آتون الحرب، مع اغتيالها للجنرال الإيراني قاسم سليماني على أبواب مطار بغداد.

سيرث الكاظمي أيضا ميزانية للعام 2020 لم يتم التصويت عليها أبدا. ومع الانهيار الكبير للنفط، مصدر الدخل الوحيد في البلاد، ستكون الحكومة الجديدة، حكومة تقشف.

مع ازدياد التوقعات المالية سوءا يوما بعد يوم، ينظر العراق في إمكانية الاقتطاع من الرواتب العامة الضخمة، في خطوة ستلقى رفضا شعبيا وقد تجدد موجة الاحتجاجات التي طالبت بتغيير شامل للنظام والسياسيين.

يتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9,7 في المئة العام الحالي، وقد تتضاعف أيضا معدلات الفقر، بحسب توقعات البنك الدولي، ما يجعل ذلك أسوأ أداء سنوي للبلاد منذ الغزو الأمريكي لإطاحة صدام حسين في العام 2003.

وذكر الباحث في "تشاتام هاوس" ريناد منصور لوكالة الأنباء الفرنسية إن "الكاظمي سيحاول الحفاظ على استقلال معين عن الأحزاب السياسية، لكن يمكن أن يتم تخريبه من قبل أعضاء في إدارة عبد المهدي الذين بقوا في منصبهم".

في الوقت الحاضر، كبقية العالم، يسعى العراق إلى مواجهة جائحة كوفيد-19 التي أودت بحياة مئة وشخصين حتى الآن، تزامنا مع سعيه إلى التخلص من خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" التي ما زالت تضرب بقوة.

فرانس24/ أ ف ب

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24